كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

فأخبرته فزاده شَرًّا وقال: يُحل الله لرسوله ما يشاء، فغضب رسول الله - عليه السلام - وقال: "إني لأتقاكم لله -عز وجل-، وأعلمكم بحدوده".
فدل ذلك على ما ذكرنا.
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار، وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: أي: قد روي عن النبي - عليه السلام - ما يدل على أن حكمه - عليه السلام - وحكم أمته متساويان في حكم القبلة في الصوم؛ لأن فعل الرسول - عليه السلام - كله يَحْسُنُ التأسي به فيه على كل حال؛ إلا أن يخبر أن ذلك له خاصة، أو ينطق القرآن بذلك وإلا فالاقتداء به أقل أحواله أن يكون مندوبًا إليه في جميع أفعاله، ومن أهل العلم من رأى أن أفعاله واجب الاقتداء فيها كوجوب أوامره.
وأخرجه بإسناد صحيح ولكنه مرسل.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (¬1): عن ابن جريج، عن زيد بن أسلم ... إلى آخره نحوه.
وقال أبو عمر: هذا الحديث مرسل عند جميع رواة "الموطأ" عن مالك، وهذا المعنى أن رسول الله - عليه السلام - كان يقبل وهو صائم صحيح من حديث عائشة وأم سلمة وحفصة رضي الله عنهن: يروى عنهن كلهن، وعن غيرهن، عن النبي - عليه السلام - من وجوه ثابتة.
ومما يستفاد منه: جواز القبلة للصائم في رمضان وغيره؛ شابًّا كان أو شيخًا على عموم الحديث وظاهره؛ لأنه - عليه السلام - لم يقل للمرأة: هل زوجك شيخ أو شاب؟ وهو المبُيِّنُ عن الله مراده من عباده.
¬__________
(¬1) "مصنف عبد الرزاق" (4/ 184 رقم 7412).

الصفحة 514