كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

وفيه: إيجاب العمل بخبر الواحد الثقة ذكرًا كان أو أنثى، وعلى ذلك جماعة أهل الفقه والحديث.
قال أبو عمر: ومن خالف ذلك فهو عند الجميع مبتدع، والله أعلم.
ص: وقد روي عن المتقدمين في ذلك:
ما حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن سالم الدوسي، عن سعد بن أبي وقاص، وسأله رجل: "أتباشر وأنت صائم؟ فقال: نعم".
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: "أن عبد الله بن عباس سئل عن القُبلة للصائم، فرخص فيها للشيخ، وكرهها للشاب".
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن أبي النضر، أن عائشة بنت طلحة أخبرته: "أنها كانت عند عائشة زوج النبي - عليه السلام - فدخل عليها زوجها عبيد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهم - وهو صائم، فقالت عائشة: ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتقبلها؟ قال: أقبلها وأنا صائم؟ فقالت له عائشة: نعم".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب، قال: ثنا الليث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن أبي مرة مولى عقيل، عن حكيم بن عقال أنه قال: "سألت عائشة - رضي الله عنها - ما يحرم عليَّ من امرأتي وأنا صائم؟ قالت: فرجها".
فهذه عائشة تقول فيما يحرم على الصائم من امرأته وما يحل له منها ما قد ذكرنا، فدل ذلك على أن القبلة كانت مباحة عندها للصائم الذي يأمن على نفسه ومكروهة لغيره، ليس لأنها حرام عليه، ولكنه لا يأمن إذا فعلها منْ أن تغلبه شهوته حتى يقع فيما يحرم عليه.
ش: أيْ: قد روي عن الصحابة والتابعين في حكم القبلة للصائم.

الصفحة 515