كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 8)

قوله: "فليستقل" من الاستقلال من القلة، و"ليكثر" من الإكثار، وهو الأمر من قبيل التهكم والتوبيخ.
ص: حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد قال: "نزلتُ أنا وأهلي ببقيع الغرقد، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله - عليه السلام - فسله لنا شيئًا نأكله، وجعلوا يذكرون حاجتهم فذهب إلى رسول الله - عليه السلام - فوجد عنده رجلًا يسأله، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا أجد ما أعطيك، فولى الرجل وهو مغضَب وهو يقول: لعمري إنك لتفضل مَن شئت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه ليغضب عليَّ، لا أجد ما أعطيه، مَن سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافًا. قال الأسدي: فقلت: لَلَقْحَة خيرٌ من أوقية -قالوا: والأوقية أربعون درهمًا- قال: فرجعت ولم أسأله، فقدم على رسول الله - عليه السلام - بعد ذلك شعير وزيت، فقسم لنا منه حتى أغنانا الله".
ش: إسناده صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.
وطعن ابن حزم في هذا الحديث بقوله: "فيه مَن لم يسم ولا يدري صحة صحبته" باطل ساقط؛ لأن جهالة الصحابي لا تضر صحة الحديث، وقد عرف ذلك عند أهل الحديث.
وأخرجه أبو داود (¬1): عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك ... إلى آخره نحوه.
غير أن في روايته: "إنك لتعطي من شئت".
وأخرجه النسائي (¬2) أيضًا.
قوله: "ببقيع الغرقد" وهو مدفن أهل المدينة، والبقيع: المكان المتسع من الأرض، وقيل: لا يسمى بقيعًا إلا إذا كان فيه شجر أو أصول شجر من ضروب شتى، والغرقد -بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح القاف وفي آخره دال
¬__________
(¬1) "سنن أبي داود" (2/ 116 رقم 1627).
(¬2) "المجتبى" (5/ 98 رقم 2596).

الصفحة 53