الكل؛ لأن كلَّ إنسان له شيطان، فكيف بالعاشي عن ذكر الله؟
والثاني: أنه أعاد عليه الضمير مجموعًا في قوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ} [الزخرف: 37]، ولولا عمومُ الشمول، لما جاز عَوْدُ ضميرِ (¬1) الجمع (¬2) على واحد، فهذه نكتة توجب للمخالفين سكتة، هكذا في "الانتصاف" لابن المنير -رحمه الله-.
قلت: في كل من الوجهين اللذين أبداهما نظر:
أما الأول: فلا نسلم أنه أراد كلَّ شيطان، بل المقصودُ أنه قُيِّضَ لكل فرد من العاشينَ عن ذكر الله شيطانٌ واحد، لا كل شيطان، وذلك واضح.
وأما الثاني: فعودُ ضمير الجماعة [على شيء ليس بينه وبين العموم الشمولي تلازم بوجه، وعودُ الضمير في الآية بصيغة ضمير الجماعة] (¬3) إنما كان باعتبار تعدد الشياطين المفهومة (¬4) مما تقدم؛ إذ معناه -على (¬5) ما قررنا (¬6) -: أن كلَّ عاشٍ له شيطانٌ، فبهذا (¬7) الاعتبار جاء التعددُ، فعاد الضمير كما يعود على الجماعة، فما هذه النكتة التي أوجبت سكتة المخالفين؟
النكتة الثانية: أن في الآية حجةً على من زعم أن العود على معنى "مَنْ" يمنعُ من العود على لفظها، محتجًا بأنه إجمال بعدَ البيان، وقد عاد الضمير
¬__________
(¬1) في"ع" و"ج": "عود الضمير".
(¬2) "الجمع" ليست في "ع" و"ج".
(¬3) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(¬4) في"ع": "الشيطان المفهوم".
(¬5) "على" ليست في "ج".
(¬6) في "ع" و"ج": "قررناه".
(¬7) في "ع": "فهذا".