وردِّها إلى مجازات كلام وطرقها في المحاورة، ونَزَّلوها على ذلك، وعلى هذا فقيل: إن المراد: تذليلُ (¬1) جهنمَ عند طغيانها، وقولها بعدُ: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق:30].
فيذللها الله تعالى تذليلَ من يُوضع تحتَ الرِّجْل، ويؤيده قوله (¬2): "فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا"، والعرب تضرب الأمثال بالأعضاء، ولا تريد أعيانها، تقول للنادم: سُقِطَ في يده، وفي الذليل: رَغِمَ أَنْفُه.
وقيل: هم مَنْ قَدَّمهم الله للنار من أهلها، فيقع بهم استيفاء عددهم.
ورواية أبي ذر: "حَتَّى يَضَعَ [رِجْلَهُ" يخيل أن المراد: العضوُ، وليس كذلك، فالرَّجْل بمعنى الجماعة؛ كما يقال: رِجْلٌ منْ جَراد؛ أي] (¬3): حتى يضعَ جماعتَه؛ أي: الجماعةَ الذين خلقَهم لاستيفاء العدد الذي قدر أنه يكون في النار، فتتفق هي، ورواية: "قَدَمَهُ"، إذا حُمل على الجماعة الذين قَدَّمهم الله للنار.
قال الزركشي: وحُكي عن ابن عقيل: أنه قال: تعالى الله أن يكون له صفةٌ تشغلُ الأمكنةَ، هذا هو التجسيمُ بعينه، ثم كيف لا يُعمل أمرَه (¬4) وتكوينَه حتى يستعينَ بشيء من ذاته، وهو القائل للنار: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا} [الأنبياء: 69]، فمَنْ أمرَ نارًا أَجَّجَها غيرُه بانقلابِ طبعِها، وكانت
¬__________
(¬1) في "ج": "بدليل".
(¬2) "قوله" ليست في "ع".
(¬3) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(¬4) "أمره" ليست في "ع".