كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 8)
2367 - (4855) - حَدَّثَنَا يَحْيىَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: يَا أُمَّتَاهْ! هَلْ رَأَى مُحَمَّد -صلى الله عليه وسلم- رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ، مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103]، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]. وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: 34]. وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ، فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، الآيَةَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ.
(لقد قفَّ شعري مما قلتَ): أي: اقشعرَّ جسمي حتى ثارَ ما عليه من الشعر، وليس هذا منها إنكارًا لجواز الرؤية مطلقًا كما يقوله المعتزلة، وإنما أنكرت وقوعَها في الدنيا (¬1).
قال القاضي في "الشفا": ولا مرية في الجواز؛ إذ ليس في الآيات نصٌّ بالمنع، وأما وجوبُه لنبينا، والقولُ بأنه رآه بعينه، فليس فيه قاطع -أيضًا-، فإن ورد حديث نصٌّ بينٌ في الباب، اعتُقد، ووجبَ (¬2) المصيرُ إليه، ولا استحالةَ فيه، ولا مانعَ قطعي يردُّه، والله تعالى الموفق (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: "التنقيح" (2/ 998).
(¬2) في "ع": "وجب".
(¬3) انظر: "الشفا" (1/ 201 - 202).
الصفحة 417