(ثم قرأت: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}): ليس فيها دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَرَ ربَّه، وقد قيل: إن الإدراك (¬1): الإحاطةُ؛ كما في قوله تعالى: {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61]، وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} [يونس: 90]، فالمنفي إحاطةُ الأبصار، لا مجردُ الرؤية، بل في تخصيص الإحاطةِ بالنفي (¬2) ما يدل على الرؤية (¬3)، أو يُشْعِر بها؛ كما تقول: لا تحيطُ به الأفهام (¬4)، وأصل المعرفة حاصل.
({وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}): وهذه الآية ليست نصًا في الدلالة على نفي الرؤية مطلقًا، وإنما تدل على أن البشر لا يرى اللهَ في حال التكلم، فنفيُ الرؤيةِ مقيدٌ (¬5) بهذه الحالة دونَ غيرها.
* * *
باب {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18]
2368 - (4858) - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه -: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18]، قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفُقَ.
(رأى رَفْرَفًا أخضرَ): قيل: الرفرفُ: فِراشٌ، وقيل: ثوبٌ كان لباسًا
¬__________
(¬1) في "ج": "إدراك".
(¬2) في "ع": "بالنفس".
(¬3) في"ع": "الرواية".
(¬4) في "ع": "تحيط بالأفهام".
(¬5) في "ع" و"ج": "الرواية مقيدة".