كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 8)

بمعنى الإصغاء؛ فإنه مستحيل على الله -عز وجل-، وإنما هو مجازٌ أُريد به: تقريبُ (¬1) القارئ، وإجزالُ ثوابه.
قال ابن المنير: يفهم من ترجمة البخاري بقوله: باب: من لم يَتَغَنَّ بالقرآن: أنه يحمل التَّغَنِّيَ على الاستغناء، لا على الغناء؛ لكونه أَتبع الحديثَ في الترجمة بالآية الكريمة، وهي قولُه تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: 51]. أن مضمونها الإنكار على مَنْ لم يستغنِ بالقرآن عن غيره من الكتب (¬2) السالفة، ومن المعجزات التي كانوا يقترحونها، وهذا موافق لتأويل سفيان، لكن سفيان حمله على الاستغناء الذي هو [ضدُّ الفقر، والبخاري يحملُه على الاستغناء الذي هو] (¬3) أعمُّ من هذا، وهو الاكتفاءُ مطلقًا (¬4).
* * *

باب: اسْتِذكارِ القُرآنِ وتَعَاهُدِهِ
2426 - (5032) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبة، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نسِيتُ آيَةَ كيْتَ وَكيْتَ، بَلْ نُسِّيَ، وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَم".
¬__________
(¬1) في "ع": "تقرب".
(¬2) في "ج": "من غيره والكتب".
(¬3) ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
(¬4) وانظر: "التوضيح" (24/ 106) وما بعدها.

الصفحة 525