كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 8)

على تطيلة-سليمان بن أحمد بن هود وانقضّ على سرقسطة سنة 431، فهرب القاتل وخلصت له ولعقبه، ووليها بعده ابنه المقتدر أحمد وهو عميد بنى هود وكان فارسا مغوارا وله غزوات مشهورة للمسيحيين فى الشمال، وكان شاعرا وممدّحا للشعراء. وجمع ألفونس السادس ملك ليون وقشتالة جيشا ضخما للاستيلاء على سرقسطة وباءت حملته بالإخفاق الذريع فأعاد الكرة سنة 456 وفاجأ النورمانديون بلدة بربشتر على مسافة 60 كيلو مترا فى الشمال الشرقى من سرقسطة واقتحموها وأنزلوا بأهلها مذبحة بشعة وسبوا منها خمسة آلاف من النساء والعذارى وباعوهن فى الأسواق بيع الإماء، وبارك البابا إسكندر هذا العمل الوحشى الفظيع. واستعاد المقتدر البلدة حين استدار العام ومزّق المعتدين شر ممزق، ودانت له وشقة فى الشمال الغربى من بربشتر وطرطوشة فى الجنوب الشرقى من سرقسطة، وأخرج إقبال الدولة بن مجاهد من دانية على البحر المتوسط وأدخلها فى إمارته، وتوفى سنة 474 وخلفه ابنه المؤتمن يوسف وكان شجاعا باسلا وحاميا للعلماء والشعراء وتوفى سنة 478 فولى بعده ابنه المستعين أحمد، وحين استولى يوسف بن تاشفين على ديار أمراء الطوائف رأى أن يتركه حاجزا بينه وبين المسيحين فى الشمال، وتوفى شهيدا فى حروبه معهم سنة 503 وخلفه ابنه عماد الدولة عبد الملك، وحاول على بن يوسف بن ناشفين أخذ الإمارة منه، فاستعان بالنصارى وتملكها المرابطون حتى سنة 512 إذ حاصرها النصارى واستولوا عليها وأخذوا فى تملك بلاد الثغر الشمالى الأعلى إلى أن ملكوها جميعا.
ومن الإمارات المهمة فى موسطة الأندلس إمارة طليطلة ثار فيها زمن الفتنة فى أواخر الدولة الأموية قاضيها ابن يعيش، وتوفى سنة 419 فتملكها إسماعيل بن ذى النون وأسرته البربرية طوال حقبة أمراء الطوائف، وتوفى سنة 429 فخلفه فيها ابنه المأمون يحيى، وهو أعظم أمرائها قدرا، اجتمع عنده جلّة من الشعراء والكتاب، وعنى ببناء قصر له تأنق فيه غاية التأنق مما جعل الأدباء والشعراء يطنبون فى وصفه، وتوفى سنة 467 وخلفه حفيده القادر يحيى وكان قصير النظر سىّء التدبير، وفغر ألفونس السادس فاه على ثغوره وجعل يطويها-كما يقول ابن سعيد-طى السجل للكتاب، فثار عليه أهل طليطلة وهرب إلى بعض حصونه وتملكها المتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس لمدة عشرة أشهر، واستردها القادر بمعونة ألفونس السادس، وأسلمها له سنة 478 على أن يساعده فى أخذ بلنسية، فأخذها لمدة عامين إلى أن قتل سنة 481. وكان قد تملكها زمن الفتنة صقلبيّان هما مبارك ومظفر وصارت لحفيد للمنصور بن أبى عامر يسمى عبد العزيز

الصفحة 37