كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 8)

جرار، وعلم به ألفونس الثامن ملك قشتالة فجمع له جموعا كثيرة تزيد على مائتى ألف راجل وخمسة وعشرين ألف فارس، والتقيا عند حصن الأرك فى وسط الطريق بين قرطبة وطليطلة، ومنى ألفونس وجيشه بهزيمة ما حقة وتنادوا الفرار الفرار، وفر ألفونس ناجيا بنفسه. وعاد يعقوب إلى إشبيلية مبتهجا بكثرة الأسلاب والغنائم، وأصلح مسجدها وبنى مئذنته التى عرفت باسم الخير الدا، وكان حريّا أن يتبع ألفونس إلى طليطلة ويستولى عليها حتى يفيد الفائدة المرجوة من هذا النصر العظيم، غير أنه اكتفى بعقد معاهدة بينه وبين ألفونس بعدم الاعتداء لمدة عشر سنوات. وتوفى سنة 595 وخلفه ابنه الناصر وكان ضعيفا وشغلته ثورات مختلفة فى المغرب كما شغله استيلاؤه على جزائر البليار من يد بنى غانية، بينما كان ألفونس يعد العدة لمعركة فاصلة بينه وبين الموحدين وأعان ملوك النصارى فى الشمال والبابا والأساقفة فى جنوبى فرنسا واعدين مساعديه بالغفران وجاءه عبّاد الصليب من كل فجّ، والتقى سنة 609 بالناصر وجيش الموحدين فى حصن العقاب إلى الجنوب الشرقى من حصن الأرك، وهزم الناصر وجيشه هزيمة مرة، ولم تدر السنة حتى توفى وخلفه ابنه المستنصر حتى سنة 620 وأخوه المأمون حتى سنة 629 وفى أيامه أعلن استقلاله ابن أبى حفص واليه على تونس، وولى بعده ابنه الرشيد حتى سنة 640 وفى عهده استقل بنو زيان بتلمسان (المغرب الأوسط) وخلفه ابنه السعيد وفى أيامه عظم شأن بنى مرين فى المغرب الأقصى واستولوا على فاس ومكناس وأيضا على وسلا والرباط على شاطئ المحيط ودخلوا مراكش سنة 664 وبذلك انتهى عهد الموحدين.
ومنذ زمن المأمون الموحدى أخذ بعض الثائرين فى الأندلس يعلنون استقلالهم، وفى مقدمتهم ابن هود الملقب بالمتوكل الثائر بمرسيه سنة 625 وملك قرطبة وإشبيلية وغرناطة فضلا عن مالقة والمرية، ولقيه النصارى فى ماردة شرقى بطليوس سنة 626 فهزموه وأخذوها، واستولى صاحب برشلونة على جزائر البليار سنة 627، ولم يلبث ملك قشتالة أن استولى على قرطبة جوهرة الأندلس الكبرى سنة 633 وقتل ابن هود وزيره ابن الرميمى غيلة فى المرية، وثار زيان بن يوسف بن مردنيش ببلنسية سنة 626 وأخذها منه ملك أراجون سنة 635 وسقطت جزيرة شقر سنة 639 ودانية سنة 641 وشاطبة سنة 644 واستولى فرناند الثالث ملك قشتالة على إشبيلية عروس الأندلس سنة 646.
وآلت مرسية لعم المتوكل بن هود بفريضة للنصارى وخدمة، وثار عليه عزيز بن خطاب سنة 635 وهزم فى وقعة مع النصارى فاستدعى أهل مرسية زيان بن يوسف بن مردنيش فدخلها وقتله سنة 636 وعاد أهل مرسية فثاروا على ابن مردنيش وأخرجوه من بلدتهم،

الصفحة 43