كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 8)

725 وخلفه ابنه أبو الحجاج يوسف الأول، وفى أيامه استولى القشتاليون على طريف المشرفة على جبل طارق، وحدث وباء كبير سنة 749 ولابن خاتمة الشاعر رسالة فى وصفه. واغتيل أبو الحجاج يوسف الأول سنة 755 وخلفه ابنه محمد الخامس الغنى بالله وله القسط الأوفر من منشئات قصور الحمراء، وتوفى سنة 793 وكانت علاقته حسنة بملك القشتاليين وبالمثل علاقات ابنه يوسف وحفيديه محمد ويوسف المتوفى سنة 820 وتلا يوسف أمراء ضعاف دب الخلاف بينهم وبين أبناء عمومتهم، ولم يلبث القشتاليون أن استولوا على جبل طارق سنة 867 وبذلك أصبحت إمارة غرناطة محاصرة بالقوات النصرانية، بالإضافة إلى ما نشب من حروب بين أبناء الأسرة الحاكمة كانوا يستعينون فيها بملوك قشتالة. وأخذ ذلك ينذر بنهاية إمارة غرناطة وعجّل بها زواج فرناند ملك أراجون من إيزابيلا ملكة قشتالة، فتعاونا على القضاء على الإمارة، وقدما بقوات ضخمة استوليا بها على بعض المدن الصغرى، ثم حاصرا غرناطة آخر معقل للإسلام فى الأندلس، واستسلم أبو عبد الله الصغير وسلم مفاتيح الحمراء لفرناند سنة 897 للهجرة ونصت معاهدة التسليم على أن يحتفظ المسلمون فى غرناطة والأندلس بكامل حقوقهم وبمساجدهم وإقامة شعائرهم الدينية، ولكن الاسبان ضربوا بكل ذلك عرض الحائط ومضوا يضطهدون المسلمين المتبقين أسوأ اضطهاد وسموهم المدجنين، بينما سموا من تنصر منهم ظاهرا الموريسكيين وعقدوا لهم محاكم التفتيش المشهورة إلى أن أصدر الملك فيليب الرابع سنة 1117 هـ‍/1609 م أمرا بخروجهم من إسبانيا. ومن الغريب أن هذا التعصب الدينى المقيت الذى أخرج المسلمين من الأندلس هو الذى أتاح لأوربا استكشاف أمريكا وطريق رأس الرجاء الصالح إلى الهند فإن فردناند الذى ساعد أرستوف كولمب على اكتشاف أمريكا كان متأثرا-بعد استيلائه على غرناطة-بفكرة حصر الإسلام والمسلمين بين نارين، وتأثر بنفس الفكرة البرتغاليون فى اكتشافهم لطريق الهند.

الصفحة 45