كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (اسم الجزء: 8)

فلما فرغنا من ذلك، أخذنا بها خطوطهما، وأخذنا لهما خطّه بالبراءة من ذلك.
فقال لي عليّ بن عيسى: سأريك موضعي أنا من العمل [13] ، وأنّ للرئيس في كل أمر موضعا لا يقوم فيه أحد مقامه.
فاستحضرتهما إلى حضرته، وأنا في مجلسه، فقال لهما: تريدان مني أن أزيل عنكما تبعة، إن لم أزلها بقيت عليكما، وعلى ورثتكما، أبد الدهر؟
لست أفعل هذا إلّا بشيء يقرب، لا ضرر عليكما فيه، وهو: أنّي أحتاج في كل هلال، إلى مال أدفعه في ستة أيام من ذلك الشهر، إلى الرجّالة، ومبلغه ثلاثون ألف دينار، وربما لم يتّجه في أول يوم من الشهر، ولا الثاني، وأريد أن تسلفاني في أول كل شهر، مائة وخمسين ألف درهم، ترتجعانها من مال الأهواز في مدة الشهر، فإنّ جهبذة الأهواز إليكما، فيكون هذا المال سلفا لكما أبدا، واقفا، لأضيف إلى هذا المال، الوظيفة التي على حامد، التي ترد في أول كل شهر، وهي عشرون ألف دينار، فيكون ذلك بإزاء مال القسط الأوّل من النوبة، فيخف عنّي ثقل ثقيل.
فتأبيا ساعة، فلم يفارقهما حتى استجابا لذلك.
فقال لي علي بن عيسى: كيف رأيت؟
فقلت: ومن يفي بهذا إلّا الوزير، أيده الله تعالى.
قال: وكان علي بن عيسى، إذا حلّ المال، وليس له وجه، استسلفه من التجار على سفاتج قد وردت من الأطراف، فلم تحلّ «1» ، عشرة آلاف دينار، بربح دانق ونصف فضّة في كل دينار «2» ، وكان يلزمه في كل شهر ألفان وخمسمائة درهم أرباحا.

الصفحة 41