كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 8)

وقيل في قوله تعالى: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}: إنه الكفن؛ فإنه لا بد لكل واحد منه (¬1).
وقد قيل: [من البسيط]
هِيَ الْقَناعَةُ لا تَبْغِي بِها بَدلًا ... فِيها النَّعِيْمُ وَفِيها راحَةُ الْبَدَنِ
انْظُرْ لِمَنْ مَلَكَ الدُّنْيا بِأَجْمَعِها ... هَلْ راحَ مِنْها بِغَيْرِ الْقُطْنِ والْكَفَنِ
قال: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}؛ أي: أطعه كما أنعم عليك {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: بالمعاصي {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 77 - 87].
قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص: 78].
وهذا أنزله الله تعالى عقب ذكر محاورة قارون لقومه على وجه المراد لقوله، أو التعجيب، أو التوبيخ له وإن كان هالكًا على حد قوله - صلى الله عليه وسلم - لصناديد قريش بعد أن قُتلوا وهم في قَليب بدر: "إِنِّي وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ " (¬2)، أو لمن هو على مثل حال قارون من الاغترار بالقوة والأموال.
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير القرطبي" (13/ 314).
(¬2) تقدم تخريجه.

الصفحة 16