كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 8)

وقرأ سعيد بن جبير: {بِمَا أَتَوْا} مبنياً لنائب الفاعل (¬1)؛ أي: أعطوا.
وقال المفسرون: نزلت في اليهود؛ فرحوا بإضلالهم الناس، وقول الناس: إنهم علماء، وليسوا كذلك، وفرحوا بما آتى الله آل إبراهيم، وهم براء من ذلك (¬2).
واعلم أن الفرح بغير الله تعالى وفضله إنما يكون عن جهل وطيش، ولذلك كان مذمومًا.
ولم يذكر الله تعالى [الفرح] (¬3) مطلقًا غير مقيد إلا ذمه كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76].
وقال تعالى: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود: 10].
وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ} [الأنعام: 44].
وما مدحه سبحانه إلا مقيدًا حتى قال في وصف الشُّهداء: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 170].
وقال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
قال أبو سعيد الخدري، وابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهم كما أخرجه ابن أبي شيبة، والمفسرون، والبيهقيّ.
والبراءُ بن عازب رضي الله تعالى عنهما كما أخرجه الطَّبراني في
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (3/ 838).
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" (4/ 205).
(¬3) ما بين معكوفتين من "ت".

الصفحة 45