كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 8)

وروى ابن أبي شيبة، والمفسرون، والحاكم وصححه، والبيهقيّ في "الشُّعب" عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} [الحديد: 23]، الآية قال: ليس أحد إلا هو يحزن ويفرح، ولكن إن أصابته مصيبة جعلها صبرًا، وإن أصابه خيرٌ جعله شكرًا (¬1).
أي: ولكن المراد في الآية أن يكون العبد كذلك صابرًا عند المصيبة لا جَزِعًا، شاكرًا عند النعمة لا بَطِرًا.
وروى ابن أبي شيبة، وعبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد"، وابن أبي حاتم عن أسلم رحمه الله تعالى قال: رأيت عبد الله بن الأرقم جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بحلية آنية وفضة، فقال عمر: اللهم إنك ذكرت هذا المال فقلت: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} [آل عمران: 14] حتى ختم الآية، وقلت: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23]، وإنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا، فاجعلنا ننفقه في حق، وأعوذ بك من شره (¬2).
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (34789)، والطبري في "التفسير" (27/ 235)، والحاكم في "المستدرك" (3789)، والبيهقيّ في "شعب الإيمان" (237).
(¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (33782)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في "زواند الزهد" (ص: 115)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (2/ 607)، وذكره البخاري (5/ 2365) معلقاً.

الصفحة 48