كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 8)

فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء: 53]؛ أي: يمنعون الحقوق وَلَو كانت قليلًا بقدر النقير، وهي النُّكتة التي في ظهر النَّواة.
وقال تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180]؛
أي: يتحمَّلون وزره وإثمه.
روى ابن جرير عن ابن عباس، وعن مجاهد: أنها نزلت في اليهود (¬1).
وقال آخرون: هي في اليهود، وغيرهم من مَنَعَةِ الزكاة.
ويؤيده ما رواه البخاري، والنَّسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ آتاهُ اللهُ مالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَومَ القِيامَةِ شُجاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيْبَتانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيامَةِ، ثُمَّ يأخُذُهُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي: شِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ: أَنا مالُكَ، أَنا كَنزُكَ"، ثمَّ تلا هذه الآية: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} (¬2).
وفي الحديث: أن معنى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ}: أنه يجعل أطواقاً في أعناقهم.
وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ
¬__________
(¬1) رواهما الطبري في "التفسير" (4/ 190).
(¬2) رواه البخاري (1338)، والنسائي (2482).

الصفحة 58