والثاني: أن يكون أحدهم عالمًا، فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وهو أحرص على صلاح أهله من صلاح غيرهم، وأولى أن يبدأ بهم في النصيحة كما قال الله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].
وروى ابن عساكر، وغيره عن عبد الواحد الدمشقي قال: رأيت أبا الدرداء يحدث الناس ويفتيهم، وولده وأهل بيته جلوس في جانب يتحدثون، فقيل له: يا أبا الدرداء! ما بال الناس يرغبون فيما عندك من العلم، وأهل بيتك جلوس لاهين؟
قال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إِنَّ أَزْهَدَ النَّاسِ في الأَنْبِياءِ وَأَشَدَّهُمْ عَلَيْهِمُ الأَقْرَبُونَ".
ثمَّ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَزْهَدَ النَّاسِ في العالِمِ أَهْلُهُ حَتَّى يُفارِقَهُم" (¬1).
وقلت في المعنى: [من الخفيف]
أَزْهَدُ الناسِ في الْحَكِيْمِ قَرِيْبُهْ ... إِنْ يغيضا (¬2) بِالنُّصْحِ صارَ حَبِيبُهْ
إِنَّ لِلنّصْحِ سَطْوَةً ضاقَ مِنْها ... مِنْ فُؤادِ الّذِي نَصَحْتَ رَحِيْبُه
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) في "ت": "إذ بغيضاً" بدل "إن يغيضاً".