كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 101 "
غلام رماه الله بالحسن يافعا
له سيمياء لا تشق على البصر
وهذه السيما ، قال مالك بن أنس : كانت جباههم منيرة من كثرة السجود في التراب . وقال ابن عباس ، وخالد الحنفي ، وعطية : وعد لهم بأن يجعل لهم نوراً يوم القيامة من أثر السجود . وقال ابن عباس أيضاً : السمت : الحسن وخشوع يبدو على الوجه . وقال الحسن ، ومعمر بن عطية : بياض وصفرة وبهيج يعتري الوجه من السهر . وقال عطاء ، والربيع بن أنس : حسن يعتري وجوه المصلين . وقال منصور : سألت مجاهداً : هذه السيما هي الأثر يكون بين عيني الرجل ؟ قال : لا ، وقد تكون مثل ركبة البعير ، وهي أقسى قلباً من الحجارة . وقال ابن جبير : ذلك مما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود . وقال الزمخشري : المراد بها السمة التي تحدث في جبهة السجاد من كثرة السجود . وقوله : ) مّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ( يفسرها : أي من التأثير الذي يؤثره السجود . وكان كل من العليين ، علي بن الحسين زين العابدين ، وعلي بن عبد الله بن العباس أبي الملوك ، يقال له ذو الثفنات ، لأن كثرة سجودهما أحدثت في مواقعه منهما أشباه ثفنات البعير . انتهى . وقرأ ابن هرمز : إثر ، بكسر الهمزة وسكون الثاء ، والجمهور بفتحهما . وقرأ قتادة : من آثار السجود ، بالجمع .
( ذالِكَ ( : أي ذلك الوصف من كونهم أشداء رحماء مبتغين سيماهم في وجوههم صفتهم في التوراة . قال مجاهد والفراء : هو مثل واحد ، أي ذلك صفتهم في التوراة والإنجيل ، فيوقف على الإنجيل . وقال ابن عباس : هما مثلان ، فيوقف على ذلك في التوراة ؛ وكزرع : خبر مبتدأ محذوف ، أي مثلهم كزرع ، أو هم كزرع . وقال الضحاك : المعنى ذلك الوصف هو مثلهم في التوراة وتم الكلام ، ثم ابتدأ ومثلهم في الإنجيل كزرع ، فعلى هذا يكون كزرع خبر ومثلهم . وقال قتادة : مثل أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ) قوم ينتبون نباتاً كالزرع ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ذلك إشارة مبهمة أوضحت بقوله : ) كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ( ، كقوله : ) وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الاْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآْء ). وقال ابن عطية : وقوله : كزرع ، هو على كلا الأقوال ، وفي أي كتاب أنزل ، فرض مثل للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) وأصحابه في أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) بعث وحده ، فكان كالزرع حبة واحدة ، ثم كثر المسلمون فهم كالشطء ، وهو فراخ السنبلة التي تنبت حول الأصل . انتهى . وقال ابن زيد : شطأه : فراخه وأولاده . وقال الزجاج : نباته . وقال قطرب : شتول السنبل يخرج من الحبة عشر سنبلات وتسع وثمان ، قاله الفراء . وقال الكسائي والأخفش : طرفه ، قال الشاعر : أخرج الشطء على وجه الثرى
ومن الأشجار أفنان الثمر
وقرأ الجمهور : شطأه ، بإسكان الطاء والهمزة ؛ وابن كثير ، وابن ذكوان : بفتحهما ؛ وكذلك : وبالمدّ ، أبو حيوة وابن أبي عبلة وعيسى الكوفي ؛ وبألف بدل الهمزة ، زيد بن علي ؛ فاحتمل أن يكون مقصوراً ، وأن يكون أصله الهمز ، فنقل الحركة

الصفحة 101