كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 121 "
كان قادراً على رجعهم . وقال السدي : أي ما يحصل في بطن الأرض من موتاهم ، وهذا يتضمن الوعيد . ) وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ( : أي حافظ لما فيه جامع ، لا يفوت منه شيء ، أو محفوظ من البلى والتغير . وقيل : هو عبارة عن العلم والإحصاء . وفي الخبر الثابت أن الأرض تأكل ابن آدم الأعجب الذنب ، وهو عظم كالخردلة منه يركب ابن آدم .
ق : ( 5 ) بل كذبوا بالحق . . . . .
( بَلْ كَذَّبُواْ بِالْحَقّ لَمَّا جَاءهُمْ ( : وقدروا قبل هذا الإضراب جملة يكون مضروباً عنها ، أي ما أجادوا والنظر ، بل كذبوا . وقيل : لم يكذبوا المنذر ، بل كذبوا ، والغالب أن الإضراب يكون بعد جملة منفية . وقال الزمخشري : بل كذبوا : إضراب أتبع الإضراب الأول للدلالة على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم ، وهو التكذيب بالحق الذي هو النبوة الثابتة بالمعجزات . انتهى . وكان هذا الإضراب الثاني بدلاً من الأول ، وكلاهما بعد ذلك الجواب الذي قدرناه جواباً للقسم ، فلا يكون قبل الثانية ما قدروه من قولهم : ما أجادوا النظر ، ( بَلْ كَذَّبُواْ بِالْحَقّ ( ، والحق : القرآن ، أو البعث ، أو الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) ، أو الإسلام ، أقوال . وقرأ الجمهور : ) لَمَّا جَاءهُمْ ( : أي لم يفكروا فيه ، بل بأول ما جاءهم كذبوا ؛ والجحدري : لما جاءهم ، بكسر اللام وتخفيف الميم ، وما مصدرية ، واللام لام الجر ، كهي في قولهم كتبته لخمس خلون أي عند مجيئهم إياه . ) فَهُمْ فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ ( ، قال الضحاك ، وابن زيد : مختلط : مرة ساحر ، ومرة شاعر ، ومرة كاهن . قال قتادة : مختلف . وقال الحسن : ملتبس . وقال أبو هريرة : فاسد . ومرجت أمانات الناس : فسدت ، ومرج الدين : اختلط . قال أبو واقد : ومرج الدين فأعددت له
مسرف الحارك محبوك الكند
وقال ابن عباس : المريج : الأمر المنكر ، وعنه أيضاً مختلط ، وقال الشاعر : فجالت والتمست لها حشاها
فخر كأنه خوط مريج
والأصل فيه الاضطراب والقلق . مرج الخاتم في أصبعي ، إذا قلق من الهزال . ويجوز أن يكون الأمر المريج ، باعتبار انتقال أفكارهم فيما جاء به المنذر قائلاً عدم قبولهم أول إنذاره إياهم ، ثم العجب منهم ، ثم استعباد البعث الذي أنذر به ، ثم التكذيب لما جاء به .
ق : ( 6 ) أفلم ينظروا إلى . . . . .
( أَفَلَمْ يَنظُرُواْ ( حين كفروا بالبعث وبما جاء به الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) إلى آثار قدرة الله تعالى في العالم العلوي والسفلي ، ( كَيْفَ بَنَيْنَاهَا ( مرتفعة من غير عمد ، ( وَزَيَّنَّاهَا ( بالنيرين وبالنجوم ، ( وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ( : أي من فتوق وسقوف ، بل هي سليمة من كل خلل .
ق : ( 7 ) والأرض مددناها وألقينا . . . . .
( وَالاْرْضَ مَدَدْنَاهَا ( : بسطناها ، ( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَواسِيَ ( ، أي جبالاً ثوابت تمنعها من التكفؤ ، ( مِن كُلّ زَوْجٍ ( : أي نوع ، ( بَهِيجٍ ( : أي حسن المنظر بهيج ، أي يسر من نظر إليه .
ق : ( 8 ) تبصرة وذكرى لكل . . . . .
وقرأ الجمهور : ) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى ( بالنصب ، وهما منصوبان بفعل مضمر من لفظهما ، أي بصر وذكر . وقيل : مفعول من أجله . وقرأ زيد بن علي : تبصرة بالرفع ، وذكر معطوف عليه ، أي ذلك الخلق على ذلك الوصف تبصرة ، والمعنى : يتبصر بذلك ويتذكر ، ( كُلٌّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ( : أي راجع إلى ربه مفكر في بدائع صنعه .
ق : ( 9 ) ونزلنا من السماء . . . . .
( مَاء مُّبَارَكاً ( : أي كثير المنفعة ، ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ( : أي الحب الحصيد ، فهو من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، كما يقوله البصريون ، والحصيد : كل ما يحصد مما له حب ، كالبر والشعير .
ق : ( 10 ) والنخل باسقات لها . . . . .
( بَاسِقَاتٍ ( : أي طوالاً في العلو ، وهو منصوب على الحال ، وهي حال مقدرة ، لأنها حالة الإنبات ، لم تكن طوالاً . وباسقات جمع . ) وَالنَّخْلَ ( اسم جنس ، فيجوز أن يذكر ، نحو قوله : ) نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ( ، وأن يؤنث نحو قوله تعالى : ) نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ( ، وأن يجمع باعتبار إفراده ، ومنه باسقات ، وقوله : ) وَيُنْشِىء السَّحَابَ الثّقَالَ ). والجمهور : باسقات بالسين . وروى قطبة بن مالك ، عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) ، أنه قرأ : باصقات بالصاد ، وهي

الصفحة 121