" صفحة رقم 123 "
اعرف الحق تعرف أهله . ) مّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( : أي من البعث من القبور .
ق : ( 16 ) ولقد خلقنا الإنسان . . . . .
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ ( : هذه آيات فيها إقامة حجج على الكفار في إنكارهم البعث ، والإنسان إسم جنس . وقيل : آدم . ) وَنَحْنُ أَقْرَبُ ( : قرب علم به وبأحواله ، لا يخفى عليه شيء من خفياته ، فكأن ذاته قريبة منه ، كما يقال : الله في كل مكان ، أي بعلمه ، وهو منزه عن الأمكنة . و ) حَبْلِ الْوَرِيدِ ( : مثل في فرط القرب ، كقول العرب : هو مني مقعد القابلة ، ومقعد الإزار . قال ذو الرمة :
والموت أدنى لي من الوريد
والحبل : العرق الذي شبه بواحد الحبال ، وإضافته إلى الوريد للبيان ، كقولهم : بعير سانية . أو يراد حبل العاتق ، فيضاف إلى الوريد ، كما يضاف إلى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد ، والعامل في إذ أقرب . وقيل : اذكر ، قيل : ويحسن تقدير اذكر ، لأنه أخبر خبراً مجرداً بالخلق والعلم بخطرات الأنفس ، والقرب بالقدرة والملك .
ق : ( 17 ) إذ يتلقى المتلقيان . . . . .
فلما تم الإخبار ، أخبر بذكر الأحوال التي تصدق هذا الخبر ، وتعين وروده عند السامع . فمنها : ) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقّيَانِ ( ، ومنها مجيء سكرة الموت ، ومنها : النفخ في الصور ، ومنها : مجيء كل نفس معها سائق وشهيد . والمتلقيان : الملكان الموكلان بكل إنسان ؛ ملك اليمين يكتب الحسنات ، وملك الشمال يكتب السيئآت . وقال الحسن : الحفظة أربعة ، اثنان بالنهار واثنان بالليل . وقعيدة : مفرد ، فاحتمل أن يكون معناه : مقاعد ، كما تقول : جليس وخليط : أي مجالس ومخالط ، وأن يكون عدل من فاعل إلى فعيل للمبالغة ، كعليم . قال الكوفيون : مفرد أقيم مقام اثنين ، والاجود أن يكون حذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، أي عن اليمين قعيد ، كما قال الشاعر : رماني بأمر كنت منه ووالدي
بريئاً ومن أجل الطوى رماني
على أحسن الوجهين فيه ، أي كنت منه برياً ، ووالدي برياً . ومذهب المبرد أن التقدير عن اليمين قعيد ، وعن الشمال ، فأخر قعيد عن موضعه . ومذهب الفراء أن لفظ قعيد يدل على الاثنين والجمع ، فلا يحتاج إلى تقدير .
ق : ( 18 ) ما يلفظ من . . . . .
وقرأ الجمهور : ) مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ ( ، وظاهر ما يلفظ العموم . قال مجاهد ، وأبو الحوراء : يكتب عليه كل شيء حتى أنينه في مرضه . وقال الحسن ، وقتادة : يكتبان جميع الكلام ، فيثبت الله تعالى من ذلك الحسنات والسيئات ، ويمحو غير ذلك . وقيل : هو مخصوص ، أي من قول خير أو شر . وقال : معناه عكرمة ، وما خرج عن هذا لا يكتب . واختلفوا في تعيين قعود الملكين ، ولا يصح فيه شيء . ) رَقِيبٌ ( : ملك يرقب . ) عَتِيدٌ ( : حاضر ، وإذا كان على اللفظ رقيب عتيد ، فأحرى على العمل . وقال الحسن : فإذا مات ، طويت صحيفته . وقيل : له يوم القيامة اقرأ كتابك .
ق : ( 19 ) وجاءت سكرة الموت . . . . .
( وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ ( : هو معطوف على ) إِذْ يَتَلَقَّى ( ، وسكرة الموت : ما يعتري الإنسان عند نزاعه ، والباء في ) بِالْحَقّ ( للتعدية ، أي جاءت سكرة الموت الحق ، وهو الأمر الذي أنطق الله به كتبه وبعث به رسله ، من سعادة الميت أو شقاوته ، أو للحال ، أي ملتبسه بالحق . وقرأ ابن مسعود : سكران جمعاً . ) ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( : أي تميل . تقول : أعيش كذا وأعيش كذا ، فمتى فكر في قرب الموت ، حاد بذهنه عنه وأمل إلى مسافة بعيدة من الزمن . ومن الحيد : الحذر من الموت ، وظاهر تحيد أنه خطاب للإنسان الذي جاءته سكرة الموت . وقال الزمخشري : الخطاب للفاجر . تحيد : تنفر وتهرب .
ق : ( 20 ) ونفخ في الصور . . . . .
( ذَلِكَ يَوْمَ الْوَعِيدِ ( ، هو على حذف : أي وقت ذلك يوم الوعيد . والإشارة إلى مصدر نفخ ، وأضاف اليوم إلى الوعيد ، وإن كان يوم الوعد والوعيد معاً على سبيل التخويف .
ق : ( 21 ) وجاءت كل نفس . . . . .
وقرأ الجمهور : معها ؛ وطلحة : بالحاء مثقلة ، أدغم العين في