" صفحة رقم 129 "
والخطاب لكل سامع . وقيل : للرسول ، أي ارتقبه ، فإن فيه تبين صحة ما قلته ، كما تقول لمن تعده بورود فتح : استمع كذا وكذا ، أي كن منتظراً له مستمعاً ، فيوم منتصب على أنه مفعول به . وقرأ ابن كثير : المنادى بالياء وصلاً ووقفاً ، ونافع ، وأبو عمرو ؛ بحذف الياء وقفاً ، وعيسى ، وطلحة ، والأعمش ، وباقي السبعة : بحذفها وصلاً ووقفاً اتباعاً لخط المصحف ، ومن أثبتها فعلى الأصل ، ومن حذفها وقفاً فلأن الوقف تغيير يبدل فيه التنوين ألفاً نصباً ، والتاء هاء ، ويشدّد المخفف ، ويحذف الحرف في القوافي . والمنادي في الحديث : ( أن ملكاً ينادي من السماء أيتها الأجسام الهامدة والعظام البالية والرمم الذاهبة هلموا إلى الحشر والوقوف بين يدي الله تعالى ) . ) مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ( : وصفه بالقرب من حيث يسمع جميع الخلق . قيل : والمنادي إسرافيل ، ينفخ في الصور وينادي . وقيل : المنادي جبريل . وقال كعب ، وقتادة وغيرهما : المكان صخرة بيت المقدس ، قال كعب : قربها من السماء بثمانية عشر ميلاً ، كذا في كتاب ابن عطية ، وفي كتاب الزمخشري : باثني عشر ميلاً ، وهي وسط الأرض . انتهى ، ولا يصح ذلك إلا بوحي .
ق : ( 42 ) يوم يسمعون الصيحة . . . . .
( يَوْمَ يَسْمَعُونَ ( : بدل من ) يَوْمٍ يُنَادِى ( ، و ) الصَّيْحَةَ ( : صيحة المنادي . قيل : يسمعون من تحت أقدامهم . وقيل : من تحت شعورهم ، وهي النفخة الثانية ، و ) بِالْحَقّ ( متعلق بالصيحة ، والمراد به البعث والحشر . ) ذالِكَ ( : أي يوم النداء والسماع ، ( يَوْمُ الْخُرُوجِ ( من القبور ، وقيل : الإشارة بذلك إلى النداء ، واتسع في الظرف فجعل خبراً عن المصدر ، أو يكون على حذف ، أي ذلك لنداء نداء يوم الخروج ، أو وقت النداء يوم الخروج .
ق : ( 44 ) يوم تشقق الأرض . . . . .
وقرأ نافع ، وابن عامر : تشقق بشدّ الشين ؛ وباقي السبعة : بتخفيفها . وقرىء : تشقق بضم التاء ، مضارع شققت على البناء للمفعول ، وتنشق مضارع انشقت . وقرأ زيد بن علي : تشقق بفك الإدغام ، ذكره أبو عليّ الأهوازي في قراءة زيد بن عليّ من تأليفه ، ويوم بدل من يوم الثاني . وقيل : منصوب بالمصدر ، وهو الخروج . وقيل : المصير ، وانتصب ) سِرَاعاً ( على الحال من الضمير في عنهم ، والعامل تشقق . وقيل : محذوف تقديره يخرجون ، فهو حال من الواو في يخرجون ، قاله الحوفي . ويجوز أن يكون هذا المقدر عاملاً في ) يَوْمَ تَشَقَّقُ ). ) ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( : فصل بين الموصوف وصفته بمعمول الصفة ، وهو علينا ، أي يسير علينا ، وحسن ذلك كون الصفة فاصلة . وقال الزمخشري : ) عَلَيْنَا يَسِيرٌ ( ، تقديم الظرف يدل على الاختصاص ، يعني لا يتيسر مثل ذلك اليوم العظيم إلا على القادر الذات الذي لا يشغله شأن عن شأن ، كما قال : ) مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ ). انتهى ، وهو على طريقه في أن تقديم المفعول وما أشبهه من دلالة ذلك على الاختصاص ، وقد بحثنا معه في ذلك في سورة الفاتحة في ) إِيَّاكَ نَعْبُدُ ).
ق : ( 45 ) نحن أعلم بما . . . . .
( نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ( : هذا وعيد محض للكفار وتهديد لهم ، وتسلية للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) . ) وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ( : بمتسلط حتى تجبرهم على الإيمان ، قاله الطبري . وقيل : التحلم عنهم وترك الغلظة عليهم . ) فَذَكّرْ بِالْقُرْءانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ( : لأن من لا يخاف الوعيد لكونه غير مصدّق بوقوعه لا يذكر ، إذ لا تنفع فيه الذكرى ، كما قال : ) وَذَكّرْ فَإِنَّ الذّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ( ، وختمت بقوله : ) فَذَكّرْ بِالْقُرْءانِ ( ، افتتحت ب ) ق وَالْقُرْءانِ ).