" صفحة رقم 134 "
شاعر كاهن مجنون ، وقال الضحاك : قول الكفرة لا يكون مستوياً ، إنما يكون متناقضاً مختلفاً . وقيل : اختلافهم في الحشر ، منهم من ينفيه ، ومنهم من يشك فيه . وقيل : اختلافهم : إقرارهم بأن الله تعالى أوجدهم وعبادتهم غيره والأقوال التي يقولونها في آلهتهم .
الذاريات : ( 9 ) يؤفك عنه من . . . . .
( يُؤْفَكُ ( : أي يصرف عنه ، أي عن القرآن والرسول ، قاله الحسن وقتادة . ) مَنْ أُفِكَ ( : أي من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم لقوله : لا يهلك على الله إلا هالك . وقيل : من صرف في سابق علم الله تعالى أنه مأفوك عن الحق لا يرعوي . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون الضمير لما توعدون ، أو للذي أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه ، فمنهم شاك ومنهم جاحد . ثم قال : يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك . وقيل : المأفوك عنه محذوف ، وعن هنا للسبب ، والضمير عائد على ) قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ ( ، أي يصرف بسببه من أراد الإسلام بأن يقول : هو سحر هو كهانة ، حكاه الزهراوي والزمخشري ، وأورده على عادته في إبداء ما هو محكي عن غيره أنه مخترعه . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يعود على ) قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ ( ، والمعنى : يصرف عنه بتوفيق الله إلى الإسلام من غلبت سعادته ، وهذا على أن يكون في قول مختلف للكفار ، إلا أن عرف الاستعمال في إفكه الصرف من خير إلى شر ، فلذلك لا تجده إلا في المذمومين . انتهى ، وفيه بعض تلخيص . وقرأ ابن جبير وقتادة : من أفك مبنياً للفاعل ، أي من أفك الناس عنه ، وهم قريش . وقرأ زيد بن علي : يأفك عنه من أفك ، أي يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه . وعنه أيضاً : يأفك عنه من أفك ، أي يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب . وقرىء : يؤفن عنه من أفن بالنون فيهما ، أي يحرمه من حرم من أفن الضرع إذا نهكه حلباً .
الذاريات : ( 10 ) قتل الخراصون
) قُتِلَ الْخَرصُونَ ( : أي قتل الله الخراصين ، وهم المقدرون ما لا يصح .
الذاريات : ( 11 ) الذين هم في . . . . .
( فِى غَمْرَةٍ ( : في جهل يغمرهم ، ( سَاهُونَ ( : غافلون عن ما أمروا به .
الذاريات : ( 12 ) يسألون أيان يوم . . . . .
( أَيَّانَ يَوْمُ الدّينِ ( : أي متى وقت الجزاء ؟ سؤال تكذيب واستهزاء ، وتقدمت قراءة من كسر الهمزة في قوله : ) أَيَّانَ مُرْسَاهَا ( ، ( أيان يَوْمِ الدّينِ ( ، فيكون الظرف محلاً للمصدر ،
الذاريات : ( 13 ) يوم هم على . . . . .
وانتصب يوم هم بمضمر تقديره : هو كائن ، أي الجزاء ، قاله الزجاج ، وجوزوا أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي هو يومهم ، والفتحة فتحة بناء لإضافته إلى غير متمكن ، وهي الجملة الإسمية . ويؤيده قراءة ابن أبي عبلة والزعفراني . ) يَوْمَ هُم ( بالرفع ، وإذا كان ظرفاً جاز أن تكون الحركة فيه حركة إعراب وحركة بناء ، وتقدم الكلام على إضافة الظرف المستقبل إلى الجملة الإسمية في غافر في قوله تعالى : ) يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ). وقال بعض النحاة : يومهم بدل من ) يَوْمِ الدّينِ ( ، فيكون هنا حكاية من كلامهم على المعنى ، ويقولون ذلك على سبيل الاستهزاء . ولو حكى لفظ قولهم ، لكان التركيب : يوم نحن على النار يفتنون .
الذاريات : ( 14 ) ذوقوا فتنتكم هذا . . . . .
( ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ ( : أي يقال لهم ذوقوا . ) هَاذَا الَّذِى ( : مبتدأ وخبر . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون هذا بدلاً من فتنتكم ، أي ذوقوا هذا العذاب . انتهى ، وفيه بعد ، والاستقلال خير من البدل . ومعنى تفتنون : تعذبون في النار .
الذاريات : ( 15 ) إن المتقين في . . . . .
ولما ذكر حال الكفار ، ذكر حال المؤمنين ، وانتصب آخذين على الحال ، أي قابليه راضين به ، وذلك في الجنة . وقال ابن عباس :
الذاريات : ( 16 ) آخذين ما آتاهم . . . . .
( ءاخِذِينَ ( : أي في دنياهم ، ( مَا ءاتَاهُمْ رَبُّهُمْ ( من أوامره ونواهيه وشرعه ، فالحال محكية لتقدمها في الزمان على كونهم في الجنة .
الذاريات : ( 17 ) كانوا قليلا من . . . . .
والظاهر أن ) قَلِيلاً ( ظرف ، وهو في الأصل صفة ، أي كانوا في قليل من الليل . وجوز أن يكون نعتاً لمصدر محذوف ، أي كانوا يهجعون هجوعاً قليلاً ، وما زائدة في كلا الإعرابين . وفسر أنس بن مالك ذلك فقال : كانوا يتنفلون بين المغرب والعشاء ، ولا يدل لفظ الآية على الاقتصار على هذا التفسير . وقال الربيع بن خيثم : كانوا يصيبون من الليل حظاً . وقال مطرف ، ومجاهد ، وابن أبي نجيح : قل ليلة أتت عليهم هجوعاً كلها . وقال الحسن : كابدوا قيام الليل لا ينامون منه إلا قليلاً . وقال الضحاك : ) كَانُواْ قَلِيلاً ( ، أي في عددهم ، وثم خبر كان ، ثم ابتدأ ) مّن الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ، فما نافية ، وقليلاً وقف حسن ، وهذا القول فيه تفكيك للكلام ، وتقدم معمول العامل المنفي بما على عامله ، وذلك لا يجوز عند البصريين ، ولو كان ظرفاً أو مجروراً . وقد أجاز ذلك بعضهم ، وجاء في الشعر قوله :