كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 139 "
بجعل أعالي القرية أسافل وإمطار الحجارة .
الذاريات : ( 38 ) وفي موسى إذ . . . . .
والظاهر أن قوله : ) وَفِى مُوسَى ( معطوف على ) وَتَرَكْنَا فِيهَا ( : أي في قصة موسى . وقال الزمخشري وابن عطية : ) وَفِى مُوسَى ( يكون عطفاً على ) وَفِى الاْرْضِ ءايَاتٌ لّلْمُوقِنِينَ ). ) وَفِى مُوسَى ( ، وهذا بعيد جدًّا ، ينزه القرآن عن مثله . وقال الزمخشري أيضاً : أو على قوله ، ( وَتَرَكْنَا فِيهَا ءايَةً ( ، على معنى : وجعلنا في موسى آية ، كقوله : علفتها تبناً وماء بارداً انتهى ، ولا حاجة إلى إضمار ) وَتَرَكْنَا ( ، لأنه قد أمكن أن يكون العامل في المجرور ) وَتَرَكْنَا ).
الذاريات : ( 39 ) فتولى بركنه وقال . . . . .
( فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ( : أي ازور وأعرض ، كما قال : ) وَنَأَى بِجَانِبِهِ ). وقيل : بقوته وسلطانه . وقال ابن زيد : بركنه : بمجموعه . وقال قتادة : بقومه . ) وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( : ظن أحدهما ، أو تعمد الكذب ، وقد علم أنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) حقاً . وقال أبو عبيدة : أو بمعنى الواو ، ويدل على ذلك أنه قد قالهما ، قال : ) إِنَّ هَاذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ( ، و ) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ( ، واستشهد أبو عبيدة بقول جرير :
أثعلبة الفوارس أو رباحا
عدلت بهم طهية والحشايا
ولا ضرورة تدعو إلى جعل أو بمعنى الواو ، إذ يكون قالهما ، وأبهم على السامع ، فأو للإبهام .
الذاريات : ( 40 ) فأخذناه وجنوده فنبذناهم . . . . .
( هُوَ مُلِيمٌ ( : أي أتى من المعاصي ما يلام عليه .
الذاريات : ( 41 ) وفي عاد إذ . . . . .
( الْعَقِيمَ ( التي لا خير فيها ، من الشتاء مطر ، أو لقاح شجر . وفي الصحيح : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور . فقول من ذهب إلى أنها الصبا ، أو الجنوب ، أو النكباء ، وهي ريح بين ريحين ، نكبت عن سمت القبلة ، فسميت نكباء ، ليس بصحيح ، لمعارضته للنص الثابت عن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) أنها الدبور .
الذاريات : ( 42 ) ما تذر من . . . . .
( مَا تَذَرُ مِن شَىْء أَتَتْ عَلَيْهِ ( : وهو عام مخصوص ، كقوله : ) تُدَمّرُ كُلَّ شَىْء بِأَمْرِ رَبّهَا ( : أي مما أراد الله تدميره وإهلاكه من ناس أو ديار أو شجر أو نبات ، لأنها لم يرد الله بها إهلاك الجبال والآكام والصخور ، ولا العالم الذي لم يكن من قوم عاد . ) إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ( : جملة حالية ، والرميم تقدّم تفسيره في يس ، وهنا قال السدّي : التراب ، وقتادة : الهشيم ، ومجاهد : البالي ، وقطرب : الرماد ، وابن عيسى : المنسحق الذي لا يرم ، جعل الهمزة في أرم للسلب . روي أن الريح كانت تمر بالناس ، فيهم الرجل من قوم عاد ، فتنزعه من بينهم وتهلكه .
الذاريات : ( 43 ) وفي ثمود إذ . . . . .
( تَمَتَّعُواْ حَتَّى حِينٍ ( ، قال الحسن : هذا كان حين بعث إليهم صالح ، أمروا بالإيمان بما جاء به ، والتمتع إلى أن تأتي آجالهم ، ثم إنهم عتوا بعد ذلك ، ولذلك جاء العطف بالفاء المقتضية تأخر العتو عن ما أمروا به ، فهو مطابق لفظاً ووجود . وقال الفراء : هذا الأمر بالتمتع كان بعد عقر الناقة ، والحين ثلاثة أيام التي أوعدوا في تمامها بالعذاب . فالعتو كان قد تقدم قبل أن يقال لهم تمتعوا ، ولا ضرورة تدعو إلى قول الفراء ، إذ هو غير مرتب في الوجود .
الذاريات : ( 44 ) فعتوا عن أمر . . . . .
وقرأ الجمهور : الصاعقة ؛ وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما ، والكسائي : الصعقة ، وهي الصيحة هنا . وقرأ الحسن : الصاعقة ؛ وزيد بن علي كقراءة الكسائي . ) وَهُمْ يَنظُرُونَ ( : أي فجأة ، وهم ينظرون بعيونهم ، قاله الطبري : وكانت نهاراً . وقال مجاهد : ) وَهُمْ يَنظُرُونَ ( ينتظرون ذلك في تلك الأيام الثلاثة التي أعلموه فيها ، ورأوا علاماته في قلوبهم ، وانتظار العذاب أشد من العذاب .
الذاريات : ( 45 ) فما استطاعوا من . . . . .
( فَمَا اسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ ( ، لقوله : ) فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ( ، ونفي الاستطاعة أبلغ من نفي القدرة . ) وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ ( ، أبلغ من نفي الانتصار : أي فما قدروا على الهرب ، ولا كانوا ممن ينتصر لنفسه فيدفع ما حل به . وقيل : ) مِن قِيَامٍ ( ، هو من قولهم : ما يقوم به إذا عجز عن دفعه ، فليس المعنى انتصاب القامة ، قاله قتادة .
الذاريات : ( 46 ) وقوم نوح من . . . . .
وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : ) وَقَوْمِ ( بالجر عطفاً على ما تقدم ، أي وفي قوم نوح ، وهي قراءة عبد الله . وقرأ باقي السبعة ، وأبو عمرو في رواية : بالنصب . قيل : عطفاً على الضمير في ) فَأَخَذَتْهُمُ ( ؛ وقيل : عطفاً على ) فَنَبَذْنَاهُمْ ( ، لأن معنى كل منهما : فأهلكناهم . وقيل : منصوب بإضمار فعل تقديره : وأهلكنا قوم نوح ، لدلالة معنى الكلام عليه .

الصفحة 139