" صفحة رقم 18 "
خير ؛ وهذا لا يكون إلا على تقدير أن يكون الفاعل ينفعكم أنكم ومعمولاها ، أي ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب إن لن يخفف عنكم اشتراككم في العذاب . وإذا كان الفاعل غير أن ، وهو ضمير ، يعود على ما يفهم من الكلام قبله ، أي يتمنى مباعدة القرين والتبرؤ منه ، ويكون أنكم تعليلاً ، أي لاشتراككم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه ، وهو الكفر . وقال مقاتل المعنى : ولن ينفعكم اليوم الاعتذار والندم ، لأنكم وقرناءكم مشتركون في العذاب ، كما اشتركتم في الكفران في الدنيا . وعلى كون الفاعل غير أن ، وهي قراءة الجمهور ، لا يتضمن الكلام نفي التأسي . وقرىء : إنكم بالكسر ، فدل على إضمار الفاعل ، ويقويه حمل أنكم بالفتح على التعليل . واليوم وإذ ظرفان ، فاليوم ظرف حال ، وإذ ظرف ماض . أما ظرف الحال فقد يعمل فيه المستقبل لقربه منه ، أو لتجوز في المستقبل ، كقوله : ) فَمَن يَسْتَمِعِ الاْنَ ( ، وقول الشاعر :
سأشقى الآن إذ بلغت مناها
وأما إذ فماض لا يعمل فيه المستقبل ، فقال الزمخشري : وإذ بدل من اليوم . انتهى . وحمل إذ ظلمتم على معنى إذ تبين ووضح ظلمكم ، ولم يبق لأحد ولا لكم شبهة في أنكم كنتم ظالمين ، ونظيره :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة
أي تبين أني ولد كريمة . انتهى . ولا يجوز فيه البدل على بقاء إذ على موضوعها من كونها ظرفاً لما مضى من الزمان . فإن جعلت لمطلق الوقت جاز ، وتخريجها على البدل ، أخذه الزمخشري من ابن جني . قال في مساءلته أبا علي : راجعته فيها مراراً ، وآخر ما حصل منه أن الدنيا والآخرة متصلتان ، وهما سواء في حكم الله وعلمه ، فيكون إذ بدلاً من اليوم ، حتى كأنها مستقبلة ، أو كأن اليوم ماض . وقيل : التقدير بعد إذ ظلمتم ، فحذف المضاف للعلم به . وقيل : إذ للتعليل حرفاً بمعنى إن . وقال الحوفي : اليوم ظرف متعلق بينفعكم ، ولا يجوز تعلق إذ به ، لأنهما ظرفا زمان ، يعني متغايرين في المعنى تغايراً لا يمكن أن يجتمعا ، قال : فلا يصح أن يكون بدلاً من الأخير ، يعني لذلك التغاير من كون هذا ظرف حال وهذا ظرف مضى . قال : ولكن تكون إذ متعلقة بما دل عليه المعنى ، كأنه قال : ولن ينفعكم اجتماعكم ، ثم قال : وفاعل ينفعكم الاشتراك . وقيل : الفاعل محذوف تقديره ظلمكم ، أو جحدكم ، وهو العامل في إذ ، لا ضمير الفاعل
الزخرف : ( 40 - 42 ) أفأنت تسمع الصم . . . . .
لما ذكر تعالى حال الكفار وما يقال لهم . وكانت قريش تسمع ذلك ، فلا تزداد إلا عتواً واعتراضاً ، وكان هو / ( صلى الله عليه وسلم ) ) ، يجتهد في تحصيل الإيمان لهم . خاطبة تعالى تسلية له باستفهام تعجيب ، أي أن هؤلاء صم ، فلا يمكنك إسماعهم ، عميٌ حيارى ، فلا يمكنك أن تهديهم ، وإنما ذلك راجع إليه تعالى . ولما كانت حواسهم لن ينتفعوا بها الانتفاع الذي يجري خلاصهم من عذاب الله ، جعلوا صماً عمياً حيارى ، ويزيد بهم قريشاً ، فهم جامعو الأوصاف الثلاثة ، ولذلك عاد الضمير عليهم في قوله : ) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ( ، ولم يجر لهم ذكر إلا في قوله : ) أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ( الآية . والمعنى : أن قبضناك قبل نصرك عليهم ، فإنا منهم منتقمون في الآخرة كقوله : ) أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ( ، ( أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِى وَعَدْنَاهُمْ ( من العذاب النازل بهم كيوم بدر ، ( فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ ( : أي هم في قبضتنا ، لا يفوتوننا ، وهذا قول الجمهور . وقال الحسن