كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 23 "
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى
وصورتها أم أنت في العين أملح
وقال سيبويه : أم هذه المعادلة : أي أم يبصرون الأمر الذي هو حقيقي أن يبصر عنده ، وهو أنه خير من موسى . وهذا القول بدأ به الزمخشري فقال : أم هذه متصلة ، لأن المعنى : أفلا تبصرون ؟ أم تبصرون ؟ إلا أنه وضع قوله : ) أَنَا خَيْرٌ ( موضع ) تُبْصِرُونَ ( ، لأنهم إذا قالوا : أنت خير ، فهم عنده بصراء ، وهذا من إنزال السبب منزلة المسبب . انتهى . وهذا القول متكلف جداً ، إذ المعادل إنما يكون مقابلاً للسابق ، وإن كان السابق جملة فعلية ، كان المعادل جملة فعلية ، أو جملة اسمية ، يتقدر منها فعلية كقوله ) أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ ( ؟ لأن معناه : أم صمتم ؟ وهنا لا يتقدر منها جملة فعلية ، لأن قوله : ) أَمْ أَنَا خَيْرٌ ( ؟ ليس مقابلاً لقوله : ) أَفلاَ تُبْصِرُونَ ( ؟ وإن كان السابق اسماً ، كان المعادل اسماً ، أو جملة فعلية يتقدر منها اسم ، نحو قوله :
أمخدج اليدين أم أتمت
فأتمت معادل للاسم ، فالتقدير : أم متماً ؟ وقيل : حذف المعادل بعد أم لدلالة المعنى عليه ، إذ التقدير : تبصرون ، فحذف تبصرون ، وهذا لا يجوز إلا إذا كان بعد أم لا ، نحو : أيقوم زيد أم لا ؟ تقديره : أم لا يقوم ؟ وأزيد عندك أم لا ، أي أم لا هو عندك . فأما حذفه دون لا ، فليس من كلامهم . وقد جاء حذف أم والمعادل ، وهو قليل . قال الشاعر : دعاني إليها القلب إني لأمرها
سميع فما أدري أرشد طلابها
يريد أم غيّ . وحكى الفراء أنه قرأ : أما أنا خير ، دخلت الهمزة على ما النافية فأفادت التقدير . ) وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ ( : الجمهور ، أنه كان بلسانه بعض شيء من أثر الجمرة . ومن ذهب إلى أن الله كان أجابه في سؤاله : ) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مّن لّسَانِى ( ، فلم يبق لها أثر جعل انتفاء الإبانة بأنه لا يبين حجته الدالة على صدقه فيما يدعي ، لأنه لا قدرة له على إيضاح المعنى لأجل كلامه . وقيل : عابه بما كان عليه موسى من الخسة أيام كان عند فرعون ، فنسب إلى ما عهده مبالغة في التعيير . وقول فرعون : ) وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ ( ، كذب بحت . ألا ترى إلى مناظرته له وردّه عليه وإفحامه بالحجة ؟ والأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام ، كلهم بلغاء . وقرأ الباقر : يبين ، بفتح الياء ، من بان إذا ظهر .
الزخرف : ( 53 ) فلولا ألقي عليه . . . . .
( فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مّن ذَهَبٍ ( ، قال مجاهد : كانوا إذا سودوا رجلاً ، سوروه سوارين وطوقوه بطوق من ذهب ، علامة لسودده . قال فرعون :

الصفحة 23