" صفحة رقم 28 "
الغنوي : يا مال ، بالبناء على الضم ، جعل اسماً على حياله . واللام في : ) لِيَقْضِ ( لام الطلب والرغبة . والمعنى : يمتنا مرة حتى لا يتكرر عذابنا ، كقوله : ) فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ( ، أي أماته . ) قَالَ ( : أي مالك ، ( إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ ( : أي مقيمون في النار لا تبرحون . وقال ابن عباس : يجيبهم بعد مضي ألف سنة ، وقال نوف : بعد مائة ، وقيل : ثمانين ، وقال عبد الله بن عمرو : أربعين .
الزخرف : ( 78 ) لقد جئناكم بالحق . . . . .
( لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقّ ( : يظهر أنه من كلام الله تعالى . وقيل : من كلام بعض الملائكة ، كما يقول أحد خدم الرئيس : أعلمناكم وفعلنا بكم . قيل : ويحتمل أن يكون ) لَقَدْ جِئْنَاكُم ( من قول الله لقريش بعقب حكاية أمر الكفار مع مالك ، وفي هذا توعد وتخويف بمعنى : انظروا كيف يكون حالكم .
الزخرف : ( 79 ) أم أبرموا أمرا . . . . .
( أَمْ أَبْرَمُواْ ( : والضمير لقريش ، أي بل أحكموا أمراً من كيدهم للرسول ومكرهم ، ( فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ( كيدنا ، كما أبرموا كيدهم ، كقوله : ) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ الْمَكِيدُونَ ( ،
الزخرف : ( 80 ) أم يحسبون أنا . . . . .
وكانوا يتناجون ويتسارعون في أمر الرسول ، فقال تعالى : ) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ( ، وهو ما يحدث به الرجل نفسه أو غيره في مكان خال . ) وَنَجْواهُم ( : وهي ما تكلموا به فيما بينهم . ) بَلَى ( : أي نسمعها ، ( رُسُلُنَا ( ، وهم الحفظة .
الزخرف : ( 81 ) قل إن كان . . . . .
( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ ( ، كما تقولون ، ( فَأَنَاْ أَوَّلُ ( من يعبده على ذلك ، ولكن ليس له شيء من ذلك . وأخذ الزمخشري هذا القول وحسنه بفصاحته فقال : إن كان للرحمن ولد ، وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح يوردونه ، وحجة واضحة يبذلونها ، فأنا أول من يعظم ذلك الولد ، وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له ، كما يعظم الرجل ولد الملك لعظم أبيه . وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض ، وهو المبالغة في نفي الولد والإطناب فيه ، وأن لا يترك الناطق به شبهة إلا مضمحلة مع الترجمة عن نفسه بثبات القدم في باب التوحيد ، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد ، وهي محال في نفسها ، فكان المعلق بها محالاً مثلها . فهو في صورة إثبات الكينونة والعبادة ، وفي معنى نفيها على أبلغ الوجوه وأقواها . ثم قال الزمخشري : ونظيره أن يقول العدلي للمجبر . ثم ذكر كلاماً يستحق عليه التأديب ، بل السيف ، نزهت كتابي عن ذكره . ثم قال : وقد تمحل الناس بما أخرجوه به من هذا الأسلوب الشريف المليء بالنكت والفوائد المستقلة بالتوحيد على أبلغ وجوهه ، فقيل : إن كان للرحمن ولد ، في زعمكم ، فأنا أول العابدين ، الموحدين لله ، المكذبين قولهم بإضافة الولد إليه . وقيل : إن كان للرحمن ولد ، فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد من عبد يعبد ، إذ اشتد أنفه فهو عبد وعابد . وقرأ بعضهم : عبدين ، وقيل : هي إن النافية ، أي ما كان للرحمن ولد ، فأنا أول من قال بذلك وعبد ووحد .
وروي أن النضر بن عبد الدار بن قصي قال : أن الملائكة بنات الله ، فنزلت ، فقال النضر : ألا ترون أنه قد صدقني ؟ فقال له الوليد بن المغيرة : ما صدقك ، ولكن قال : ما كان للرحمن ولد ، فأنا أول الموحدين من أهل مكة أن لا ولد له . انتهى . أما القول : إن كان لله ولد في زعمكم ، فهو قول مجاهد ، وأما القول : فأنا أول الآنفين ، فهو قول جماعة ، حكاه عنهم أبو حاتم ولم يسم أحداً منهم ، ويدل عليه قراءة السلمي واليماني : العبدين ، وقراءة ذكرها الخليل بن أحمد في كتابه العين : العبدين ، بإسكان الباء ، تخفيف العبدين بكسرها . وذكر صاحب اللوامح أنه جاء عن ابن عباس في معنى العابدين : أنه الآنفين انتهى . وقال ابن عرفة : يقال : عبد يعبد فهو عبد ، وقلما يقال : عابد . والقرآن لا يأتي بالقليل من اللغة ولا الشاذ ، ثم قال : كقول مجاهد . وقال الفرزدق : أولئك آبائي فجئني بمثلهم
واعبد أن أهجوا كليباً بدارمي
أي : آنف وأستنكف . وقال آخر :