كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 476 "
والتوحيد لتسويتك في أفعل التفضيل إذا أضفته بين الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، وكان يجوز أن يقال : أشقوها ، انتهى . فأطلق الإضافة ، وكان ينبغي أن يقول : إلى معرفة ، لأن إضافته إلى نكرة لا يجوز فيه إذ ذاك إلا أن يكون مفرداً مذكراً ، كحاله إذا كان بمن . والظاهر أن الضمير في ) لَهُمْ ( عائد على أقرب مذكور وهو ) أَشْقَاهَا ( إذا أريد به الجماعة ، ويجوز أن يعود على ) ثَمُودُ ).
الشمس : ( 13 ) فقال لهم رسول . . . . .
( رَّسُولٍ ( : هو صالح عليه السلام . وقرأ الجمهور : ) نَاقَةُ اللَّهِ ( بنصب التاء ، وهو منصوب على التحذير مما يجب إضمار عامله ، لأنه قد عطف عليه ، فصار حكمه بالعطف حكم المكرر ، كقولك : الأسد الأسد ، أي احذروا ناقة الله وسقياها فلا تفعلوا ذلك .
الشمس : ( 14 ) فكذبوه فعقروها فدمدم . . . . .
( فَكَذَّبُوهُ ( ، الجمهور على أنهم كانوا كافرين ، وروي أنهم كانوا قد أسلموا قبل ذلك وتابعوا صالحاً بمدة ، ثم كذبوا وعقروا ، وأسند العقر للجماعة لكونهم راضين به ومتمالئين عليه . وقرأ الجمهور : ) فَدَمْدمَ ( بميم بعد دالين ؛ وابن الزبير : قد هدم بهاء بينهما ، أي أطبق عليهم العذاب مكرراً ذلك عليهم ، ( بِذَنبِهِمْ ( : فيه تخويف من عاقبة الذنوب ، ( فَسَوَّاهَا ( ، قيل : فسوى القبيلة في الهلاك ، عاد عليها بالتأنيث كما عاد في ) بِطَغْوَاهَا ). وقيل : سوى الدمدمة ، أي سواها بينهم ، فلم يفلت منهم صغيراً ولا كبيراً .
الشمس : ( 15 ) ولا يخاف عقباها
وقرأ أبيّ والأعرج ونافع وابن عامر : فلا يخاف بالفاء ؛ وباقي السبعة ولا بالواو ؛ والضمير في يخاف الظاهر عوده إلى أقرب مذكور وهو ربهم ، أي لأدرك عليه تعالى في فعله بهم لا يسئل عما يفعل ، قاله ابن عباس والحسن ، وفيه ذم لهم وتعقبه لآثارهم . وقيل : يحتمل أن يعود على صالح ، أي لا يخاف عقبى هذه الفعلة بهم ، إذ كان قد أنذرهم وحذرهم . ومن قرأ : ولا يحتمل الضمير الوجهين . وقال السدي والضحاك ومقاتل والزجاج وأبو علي : الواو واو الحال ، والضمير في يخاف عائد على ) أَشْقَاهَا ( ، أي انبعث لعقرها ، وهو لا يخاف عقبى فعله لكفره وطغيانه ، والعقبى : خاتمة الشيء وما يجيء من الأمور بعقبه ، وهذا فيه بعد لطول الفصل بين الحال وصاحبها .

الصفحة 476