" صفحة رقم 478 "
بجر الراهب على توهم النطق بالمصدر ، رأى كطواف الراهب بالبيعة .
الليل : ( 4 ) إن سعيكم لشتى
) إِنَّ سَعْيَكُمْ ( : أي مساعيكم ، ( لَشَتَّى ( : لمتفرقة مختلفة ،
الليل : ( 5 ) فأما من أعطى . . . . .
ثم فصل هذا السعي . ) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى ( الآية : روي أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، كان يعتق ضعفة عبيده الذين أسلموا ، وينفق في رضا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) ماله ، وكان الكفار بضدّه . قال عبد الله بن أبي أوفى : نزلت هذه السورة في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، وأبي سفيان بن حرب . وقال السدّي : نزلت في أبي الدحداح الأنصاري بسبب ما كان يعلق في المسجد صدقة ، وبسبب النخلة التي اشتراها من المنافق بحائط له ، وكان الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) ساوم المنافق في شرائها بنخلة في الجنة ، وذلك بسبب الأيتام الذين كانت النخلة تشرف على بيتهم ، فيسقط منها الشيء فتأخذه الأيتام ، فمنعهم المنافق ، فأبى عليه المنافق ، فجاء أبو الدحداح وقال : يا رسول الله أنا أشتري النخلة التي في الجنة بهذه ، وحذف مفعولي أعطى ، إذ المقصود الثناء على المعطى دون تعرض للمعطى والعطية . وظاهره بذل المال في واجب ومندوب ومكرمة . وقال قتادة : أعطى حق الله . وقال ابن زيد : أنفق ماله في سبيل الله . ) وَاتَّقَى ( ، قال ابن عباس : اتقى الله . وقال مجاهد : واتقى البخل . وقال قتادة : واتقى ما نهي عنه .
الليل : ( 6 ) وصدق بالحسنى
) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ( ، صفة تأنيث الأحسن . فقال ابن عباس وعكرمة وجماعة : هي الحلف في الدنيا الوارد به وعد الله تعالى . وقال مجاهد والحسن وجماعة : الجنة . وقال جماعة : الثواب . وقال السلمي وغيره : لا إله إلا الله .
الليل : ( 7 ) فسنيسره لليسرى
) فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى ( : أي نهيئة للحالة التي هي أيسر عليه وأهون وذلك في الدنيا والآخرة .
الليل : ( 8 - 10 ) وأما من بخل . . . . .
وقابل أعطى ببخل ، واتقى باستغنى ، لأنه زهد فيما عند الله بقوله : ) وَاسْتَغْنَى ( ، ( لِلْعُسْرَى ( ، وهي الحالة السيئة في الدنيا والآخرة . وقال الزمخشري : فسنخذله ونمنعه الألطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشد كقوله : ) يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَاء ( ، إذ سمى طريقة الخير باليسرى لأن عاقبتها اليسر ، وطريقة الشر العسرى لأن عاقبتها العسر ، أو أراد بهما طريقي الجنة والنار ، أي فسنهديهما في الآخرة للطريقين . انتهى ، وفي أول كلامه دسيسة الاعتزال . وجاء ) فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى ( على سبيل المقابلة لقوله : ) وَنُيَسّرُكَ لِلْيُسْرَى ( ، والعسرى لا تيسير فيها ، وقد يراد بالتيسير التهيئة ، وذلك يكون في اليسرى والعسرى .
الليل : ( 11 ) وما يغني عنه . . . . .
( وَمَا يُغْنِى ( : يجوز أن تكون ما نافية واستفهامية ، أي : وأي شيء يغني عنه ماله ؟ ) إِذَا تَرَدَّى ( : تفعل من الرّدى ، أي هلك ، قاله مجاهد ، وقال قتادة وأبو صالح : تردى في جهنم : أي سقط من حافاتها . وقال قوم : تردى بأكفانه ، من الردى ، وقال مالك بن الذئب : وخطا بأطراف الأسنة مضجعي
ورداً على عينيّ فضل ردائيا
وقال آخر : نصيبك مما تجمع الدهر كله
رداءان تلوي فيهما وحنوط
الليل : ( 12 ) إن علينا للهدى
) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ( : التعريف بالسبيل ومنحهم الإدراك ، كما قال تعالى : ) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ). وقال الزمخشري : إن الإرشاد إلى الحق واجب علينا بنصب الدلائل وبيان الشرائع .
الليل : ( 13 ) وإن لنا للآخرة . . . . .
( وَإِنَّ لَنَا لَلاْخِرَةَ وَالاْولَى ( : أي ثواب الدارين ، لقوله تعالى : ) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ).
الليل : ( 14 ) فأنذرتكم نارا تلظى
وقرأ ابن الزبير وزيد بن عليّ وطلحة وسفيان بن عيينة وعبيد بن عمير : تتلطى بتاءين ، والبزي بتاء مشدّدة ، والجمهور : بتاء واحدة .
الليل : ( 15 - 18 ) لا يصلاها إلا . . . . .
وقال الزمخشري : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ، فقيل : ) الاْشْقَى ( ، وجعل مختصاً بالصلى ، كأن النار لم تخلق إلا له . وقال : ) الاْتْقَى ( ، وجعل مختصاً بالنجاة وكأن