كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 482 "
وما يدري الفقير متى غناه
وما يدري الغني متى يعيل
عال : افتقر ، وأعال : كثر عياله . قال مقاتل : ) فَأَغْنَى ( رضاك بما أعطاك من الرزق . وقيل : أغناك بالقناعة والصبر . وقيل : بالكفاف .
الضحى : ( 9 ) فأما اليتيم فلا . . . . .
ولما عدد عليه هذه النعم الثلاث ، وصاه بثلاث كأنها مقابلة لها . ) فَلاَ تَقْهَرْ ( ، قال مجاهد : لا تحتقر . وقال ابن سلام : لا تستزله . وقال سفيان : لا تظلمه بتضييع ماله . وقال الفراء : لا تمنعه حقه ، والقهر هو التسليط بما يؤذي . وقرأ الجمهور : ) تَقْهَرْ ( بالقاف ؛ وابن مسعود وإبراهيم التيمي : بالكاف بدل القاف ، وهي لغة بمعنى قراءة الجمهور .
الضحى : ( 10 ) وأما السائل فلا . . . . .
( وَأَمَّا السَّائِلَ ( : ظاهره المستعطي ، ( فَلاَ تَنْهَرْ ( : أي تزجره ، لكن أعطه أو رده رداً جميلاً . وقال قتادة : لا تغلظ عليه ، وهذه في مقابلة ) وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ( ؛ فالسائل ، كما قلنا : المستعطي ، وقاله الفراء وجماعة . وقال أبو الدرداء والحسن وغيرهما : السائل هنا : السائل عن العلم والدين ، لا سائل المال ، فيكون بإزاء ) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى ).
الضحى : ( 11 ) وأما بنعمة ربك . . . . .
( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ ( ، قال مجاهد والكلبي : معناه بث القرآن وبلغ ما أرسلت به . وقال محمد بن إسحاق : هي النبوة . وقال آخرون : هي عموم في جميع النعم . وقال الزمخشري : التحديث بالنعم : شكرها وإشاعتها ، يريد ما ذكره من نعمة الإيواء والهداية والإغناء وما عدا ذلك ، انتهى . ويظهر أنه لما تقدم ذكر الامتنان عليه بذكر الثلاثة ، أمره بثلاثة : فذكر اليتيم أولاً وهي البداية ، ثم ذكر السائل ثانياً وهو العائل ، وكان أشرف ما امتن به عليه هي الهداية ، فترقى من هذين إلى الأشرف وجعله مقطع السورة ، وإنما وسط ذلك عند ذكر الثلاثة ، لأنه بعد اليتيم هو زمان التكليف ، وهو عليه الصلاة والسلام معصوم من اقتراف ما لا يرضي الله عز وجل في القول والفعل والعقيدة ، فكان ذكر الامتنان بذلك على حسب الواقع بعد اليتيم وحالة التكليف ، وفي الآخر ترقى إلى الأشرف ، فهما مقصدان في الخطاب .

الصفحة 482