" صفحة رقم 484 "
الشرح : ( 2 ) ووضعنا عنك وزرك
بنصب يشاور ، وهذا محتمل للتخريجين ، وهو أحسن مما تقدم . ) وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ( : كناية عن عصمته من الذنوب وتطهيره من الأدناس ، عبر عن ذلك بالحط على سبيل المبالغة في انتفاء ذلك ، كما يقول القائل : رفعت عنك مشقة الزيارة ، لمن لم يصدر منه زيارة ، على طريق المبالغة في انتفاء الزيارة منه .
الشرح : ( 3 ) الذي أنقض ظهرك
وقال أهل اللغة : أنقض الحمل ظهر الناقة ، إذا سمعت له صريراً من شدة الحمل ، وسمعت نقيض المرجل : أي صريره . قال عباس بن مرداس : وأنقض ظهري ما تطويت منهم
وكنت عليهم مشفقاً متحننا
وقال جميل : وحتى تداعت بالنقيض حباله
وهمت بوأي زورة أن نحطها
والنقيض : صوت الانقضاض والانفكاك .
الشرح : ( 4 ) ورفعنا لك ذكرك
) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ( : هو أن قرنه بذكره تعالى في كلمة الشهادة والأذان والإقامة والتشهد والخطب ، وفي غير موضع من القرآن ، وفي تسميته نبي الله ورسول الله ، وذكره في كتب الأولين ، والأخذ على الأنبياء وأممهم أن يؤمنوا به . وقال حسان : أغر عليه للنبوة خاتم
من الله مشهور يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه
إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
الشرح : ( 5 - 6 ) فإن مع العسر . . . . .
وتعديد هذه النعم عليه ( صلى الله عليه وسلم ) ) يقتضي أنه تعالى كما أحسن إليك بهذه المراتب ، فإنه يحسن إليك بظفرك على أعدائك وينصرك عليهم . وكان الكفار أيضاً يعيرون المؤمنين بالفقر ، فذكره هذه النعم وقوى رجاءه بقوله : ) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ( : أي مع الضيق فرجاً . ثم كرر ذلك مبالغة في حصول اليسر . ولما كان اليسر يعتقب العسر من غير تطاول أزمان ، جعل كأنه معه ، وفي ذلك تبشيراً لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) بحصول اليسر عاجلاً . والظاهر أن التكرار للتوكيد ، كما قلنا . وقيل : تكرر اليسر باعتبار المحل ، فيسر في الدنيا ويسر في الآخرة . وقيل : مع كل عسر يسر ، إن من حيث أن العسر معرف بالعهد ، واليسر منكر ، فالأول غير الثاني . وفي الحديث : ( لن يغلب عسر يسرين ) . وضم سين العسر ويسراً فيهن ابن وثاب وأبو جعفر وعيسى ، وسكنهما الجمهور .
الشرح : ( 7 ) فإذا فرغت فانصب
ولما عدد تعالى نعمه السابقة عليه ( صلى الله عليه وسلم ) ) ، ووعده بتيسير ما عسره ، أمره بأن يدأب في العبادة إذا فرغ من مثلها ولا يفتر . وقال ابن مسعود : ) فَإِذَا فَرَغْتَ ( من فرضك ، ( فَانصَبْ ( في التنفل عبادة لربك . وقال أيضاً : ) فَانصَبْ ( في قيام الليل . وقال مجاهد : قال ) فَإِذَا فَرَغْتَ ( من شغل دنياك ، ( فَانصَبْ ( في عبادة ربك . وقال ابن عباس وقتادة : ) فَإِذَا فَرَغْتَ ( من الصلاة ، ( فَانصَبْ ( في الدعاء . وقال الحسن : ) فَإِذَا فَرَغْتَ ( من الجهاد ، ( فَانصَبْ ( في العبادة . ويعترض قوله هذا بأن الجهاد فرض بالمدينة . وقرأ الجمهور : ) فَرَغْتَ ( بفتح الراء ؛ وأبو السمال : بكسرها ، وهي لغة . قال الزمخشري : ليست بفصيحة . وقرأ الجمهور : ) فَانصَبْ ( بسكون الباء خفيفة ، وقوم : بشدها مفتوحة من الأنصاب . وقرأ آخرون من الإمامية : فانصب بكسر الصاد بمعنى : إذا فرغت من الرسالة فانصب خليفة . قال ابن عطية : وهي قراءة شاذة ضعيفة المعنى لم تثبت عن عالم ، انتهى .
الشرح : ( 8 ) وإلى ربك فارغب
وقرأ الجمهور : ) فَارْغَبْ ( ، أمر من رغب ثلاثياً : أي اصرف وجه الرغبات إليه لا إلى سواه . وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة : فرغت ، أمر من رغب بشد الغين .