" صفحة رقم 504 "
والقارعة تأكيد لفظي للأولى .
القارعة : ( 4 ) يوم يكون الناس . . . . .
وقرأ الجمهور : ) يَوْمٍ ( بالنصب ، وهو ظرف ، العامل فيه ، قال ابن عطية : القارعة . فإن كان عنى بالقارعة اللفظ الأول ، فلا يجوز للفصل بين العامل ، وهو في صلة أل ، والمعمول بالخبر ؛ وكذا لو صار القارعة علماً للقيامة لا يجوز أيضاً ، وإن كان عنى اللفظ الثاني أو الثالث ، فلا يلتئم معنى الظرف معه . وقال الزمخشري : الظرف نصب بمضمر دل عليه القارعة ، أي تقرع يوم يكون الناس . وقال الحوفي : تأتي يوم يكون . وقيل : اذكر يوم . وقرأ زيد بن عليّ : يوم يكون مرفوع الميم ، أي وقتها . ) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ( ، قال قتادة : هو الطير الذي يتساقط في النار . وقال الفراء : غوغاء الجراد ، وهو صغيره الذي ينتشر في الأرض يركب بعضه بعضاً من الهول . وقيل : الفراش طير دقيق يقصد النار ، ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق . شبهوا في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والمجيء والذهاب على غير نظام ، والتطاير إلى الداعي من كل جهة حتى تدعوهم إلى ناحية المحشر ، كالفراش المتطاير إلى النار . قال جرير : إن الفرزدق ما علمت وقومه
مثل الفراش عشين نار المصطلي
القارعة : ( 5 ) وتكون الجبال كالعهن . . . . .
وقرن بين الناس والجبال تنبيهاً على تأثير تلك القارعة في الجبال حتى صارت كالعهن المنفوش ؛ فكيف يكون حال الإنسان عند سماعها ؟
القارعة : ( 6 - 7 ) فأما من ثقلت . . . . .
وتقدم الكلام في الموازين وثقلها وخفتها في الأعراف ، وعيشة راضية في إلحاقة .
القارعة : ( 9 ) فأمه هاوية
) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ( : الهاوية دركة من دركات النار ، وأمه معناه مأواه ، كما قيل للأرض أم الناس لأنها تؤويهم ، وكما قال عتبة بن أبي سفيان في الحرب : فنحن بنوها وهي أمنا . وقال قتادة وأبو صالح وغيره : فأم رأسه هاوية في قعر جهنم لأنه يطرح فيها منكوساً . وقيل : هو تفاؤل بشر ، وإذا دعوا بالهلكة قالوا هوت أمه ، لأنه إذا هوى ، أي سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلاً وحزناً . قال الشاعر : هوت أمه ما نبعث الصبح غاديا
وماذا يرد الليل حين يؤون
وقرأ الجمهور : ) فَأُمُّهُ ( بضم الهمزة ، وطلحة بكسرها . قال ابن خالويه : وحكى ابن دريد أنها لغة . وأما النحويون فإنهم يقولون : لا يجوز كسر الهمزة إلا أن يتقدمها كسرة أو ياء ، انتهى .
القارعة : ( 10 ) وما أدراك ما . . . . .
( وَمَا أَدْرَاكَ ( : هي ضمير يعود على هاوية إن كانت كما قيل دركة من دركات النار معروفة بهذا الاسم ، وإن كانت غير ذلك مما قيل فهي ضمير الداهية التي دل عليها قوله : ) مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ( ، والهاء فيما هيه هاء السكت ، وحذفها في الوصل ابن أبي إسحاق والأعمش وحمزة ، وأثبتها الجمهور :
القارعة : ( 11 ) نار حامية
) نَّارٍ ( : خبر مبتدأ محذوف ، أي هي نار ، أعاذنا الله منها بمنه وكرمه .