" صفحة رقم 512 "
أحد منهم إلا أميرهم في شرذمة قليلة ، فلما أخبروا بما رأوا هلكوا . وكان الفيل يوجهونه نحو مكة لما كان قريباً منها فيبرك ، ويوجهونه نحو اليمن والشام فيسرع . وقال الواقدي : أبرهة جد النجاشي الذي كان في زمن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) . وقرأ السلمي : ألم تر بسكون ، وهو جزم بعد جزم . ونقل عن صاحب اللوامح ترأ بهمزة مفتوحة مع سكون الراء على الأصل ، وهي لغة لتيم ، وتر معلقة ، والجملة التي فيها الاستفهام في موضع نصب به ؛ وكيف معمول لفعل . وفي خطابه تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ) بقوله : ) فَعَلَ رَبُّكَ ( تشريف له ( صلى الله عليه وسلم ) ) وإشادة من ذكره ، كأنه قال : ربك معبودك هو الذي فعل ذلك لا أصنام قريش أساف ونائلة وغيرهما .
الفيل : ( 2 - 3 ) ألم يجعل كيدهم . . . . .
( أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ ( ، يقال : ضلل كيدهم ، إذا جعله ضالاً ضائعاً . وقيل لامرىء القيس الضليل ، لأنه ضلل ملك أبيه ، أي ضيعه . وتضييع كيدهم هو بأن أحرق الله تعالى البيت الذي بنوه قاصدين أن يرجع حج العرب إليه ، وبأن أهلكهم لما قصدوا هدم بيت الله الكعبة بأن أرسل عليهم طيراً جاءت من جهة البحر ، ليست نجدية ولا تهامية ولا حجازية سوداء . وقيل : خضراء على قدر الخطاف .
الفيل : ( 4 ) ترميهم بحجارة من . . . . .
وقرأ الجمهور : ) أَبَابِيلَ تَرْمِيهِم ( بالتاء ، والطير اسم جمع بهذه القراءة ، وقوله :
كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد
وتذكر كقراءة أبي حنيفة وابن يعمر وعيسى وطلحة في رواية عنه : يرميهم . وقيل : الضمير عائد على ) رَبَّكَ ). ) بِحِجَارَةٍ ( ؛ كان كل طائر في منقاره حجر ، وفي رجليه حجران ، كل حجر فوق حبة العدس ودون حبة الحمص ، مكتوب في كل حجر اسم مرميه ، ينزل على رأسه ويخرج من دبره . ومرض أبرهة ، فتقطع أنملة أنملة ، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ، وانفلت أبو مكسوم وزيره ، وطائره يتبعه حتى وصل إلى النجاشي وأخبره بما جرى للقوم ، فرماه الطائر بحجره فمات بين يدي الملك . وتقدم شرح سجيل في سورة هود ،
الفيل : ( 5 ) فجعلهم كعصف مأكول
والعصف في سورة الرحمن . شبهوا بالعصف ورق الزرع الذي أكل ، أي وقع فيه الأكال ، وهو أن يأكله الدود والتبن الذي أكلته الدواب وراثته . وجاء على آداب القرآن نحو قوله : ) كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ( ، أو الذي أكل حبه فبقي فارغاً ، فنسبه أنه أكل مجاز ، إذ المأكول حبه لا هو . وقرأ الجمهور : ) مَّأْكُولِ ( : بسكون الهمزة وهو الأصل ، لأن صيغة مفعول من فعل . وقرأ أبو الدرداء ، فيما نقل ابن خالويه : بفتح الهمزة اتباعاً لحركة الميم وهو شاذ ، وهذا كما اتبعوه في قولهم : محموم بفتح الحاء لحركة الميم . قال ابن إسحاق : لما رد الله الحبشة عن مكة ، عظمت العرب قريشاً وقالوا : أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مؤونة عدوّهم ، فكان ذلك نعمة من الله تعالى عليهم . وقيل : هو إجابة لدعاء الخليل عليه الصلاة والسلام .