كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 515 "
زعمتم أن إخوتكم قريشا
لهم إلف وليس لكم إلاف
جمع بين مصدري ألف الثلاثي . وعن أبي جعفر وابن عامر : إلا فهم على وزن فعال . وعن أبي جعفر وابن كثير : إلفهم على وزن فعل ، وبذلك قرأ عكرمة . وعن أبي جعفر أيضاً : ليلاف بياء ساكنة بعد اللام اتبع ، لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفاً على غير قياس . وعن عكرمة : ليألف قريش ؛ وعنه أيضاً : لتألف قريش على الأمر ، وعنه وعن هلال بن فتيان : بفتح لام الأمر ، وأجمعوا هنا على صرف قريش ، راعوا فيه معنى الحي ، ويجوز منع صرفه ملحوظاً فيه معنى القبيلة للتأنيث والعلمية . قال الشاعر :
وكفى قريش المعضلات وسادها
جعله اسماً للقبيلة سيبويه في نحو معد وقريش وثقيف ، وكينونة هذه للإحياء أكثر ، وإن جعلتها اسماً للقبائل فجائز حسن . وقرأ الجمهور : ) رِحْلَةَ ( بكسر الراء ؛ وأبو السمال : بضمها ، فبالكسر مصدر ، وبالضم الجهة التي يرحل إليها ، والجمهور على أنهما رحلتان . فقيل : إلى الشام في التجارة ونيل الأرباح ، ومنه قول الشاعر : سفرين بينهما له ولغيره
سفر الشتاء ورحلة الأصياف
وقال ابن عباس : رحلة إلى اليمن ، ورحلة إلى بصرى . وقال : يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل ، ويرحلون في الشتاء إلى مكة للتجارة وسائر أغراضهم . وقال الزمخشري : وأراد رحلتي الشتاء والصيف ، فأفرد لأمن الإلباس ، كقوله : كلوا في بعض بطنكم تعفوا
فإن زمانكم زمن خميص
انتهى ، وهذا عند سيبويه لا يجوز إلا في الضرورة ، ومثله :
حمامة بطن الواديين ترنمي
يريد : بطني الواديين ، أنشده أصحابنا على الضرورة . وقال النقاش : كانت لهم أربع رحل . قال ابن عطية : وهذا قول مردود . انتهى ، ولا ينبغي أن يرد ، فإن أصحاب الإيلاف كانوا أربعة إخوة وهم : بنو عبد مناف هاشم ، كان يؤلف ملك الشام ، أخذ منه خيلاً ، فأمن به في تجارته إلى الشام ، وعبد شمس يؤلف إلى الحبشة ؛ والمطلب إلى اليمن ؛ ونوفل إلى فارس . فكان هؤلاء يسمون المجبرين ، فتختلف تجر قريش إلى الأمصار بحبل هؤلاء الإخوة ، فلا يتعرض لهم . قال الأزهري : الإيلاف شبه الإجارة بالخفارة ، فإذا كان كذلك جاز أن يكون لهم رحل أربع ، باعتبار هذه الأماكن التي كانت التجار في خفارة هؤلاء الأربعة فيها ، وفيهم يقول الشاعر يمدحهم : يا أيها الرجل المحول رحله
هلا نزلت بآل عبد مناف

الصفحة 515