كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 84 "
( سقط : في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )
محمد : ( 29 ) أم حسب الذين . . . . .
إخراج أضغانهم ، وهو حقودها : إبرازها للرسول والمؤمنين ؛ والظاهر أنها من رؤية البصر لعطف العرفان عليه ، وهو معرفة القلب . واتصل الضمير في أريناكهم ، وهو الأفصح ، وإن كان يجوز الانفصال . وفي هاتين الجملتين تقريب لشهرتهم ، لكنه لم يعينهم بأسمائهم ، إبقاء عليهم وعلى قراباتهم ، واكتفاء منهم بما يتظاهرون به من اتباع الشرع ، وإن أبطنوا خلافه .
محمد : ( 30 ) ولو نشاء لأريناكهم . . . . .
( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ الْقَوْلِ ( : كانوا يصطلحون فيما بينهم من ألفاظ يخاطبون بها الرسول ، مما ظاهره حسن ويعنون به القبيح ، وكانوا أيضاً يصدر منهم الكلام يشعر بالاتباع ، وهم بخلاف ذلك ، كقولهم عند النصر : ) إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ( ، وغير ذلك ، كقولهم : ) لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ( ، وقوله : ) إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ). والظاهر الإراءة والمعرفة بالسيماء ، وجود المعرفة في المستقبل بلحن القول . واللام في : ) وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ ( ، لام جواب القسم المحذوف . ) وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ( : خطاب عام يشمل المؤمن والكافر ؛ وقيل : خطاب للمؤمنين فقط .
محمد : ( 31 ) ولنبلونكم حتى نعلم . . . . .
وقرأ الجمهور : ) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ ( ، ونبلو : بالنون والواو ؛ وأبو بكر : بالياء فيهن وأويس ، ونبلو : بإسكان الواو وبالنون ؛ والأعمش : بإسكانها وبالياء ، وذلك على القطع ، إعلاماً بأن ابتلاءه دائم . ومعنى : ) حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ ( : أي نعلمهم مجاهدين قد خرج جهادهم إلى الوجود ، وبأن مسكهم الذي يتعلق به ثوابهم .
محمد : ( 32 ) إن الذين كفروا . . . . .
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( : ناس من بني إسرائيل ، وتبين هداهم : معرفتهم بالرسول من التوراة ، أو منافقون كأن الإيمان قد داخل قلوبهم ثم نافقوا ؛ والمطعمون : سفرة بدر ؛ وتبين الهدى : وجوده عند الداعي إليه ، أو مشاعة في كل كافر ؛ وتبين الهدى من حيث كان في نفسه ، أقوال . ) وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ( : أي التي كانوا يرجون بها انتفاع ، وأعمالهم التي كانوا يكيدون بها الرسول ودين الإسلام .
محمد : ( 33 ) يا أيها الذين . . . . .
( يا أيها الذين آمنوا ( : قيل نزلت في بني إسرائيل ، أسلموا وقالوا لرسول الله : قد آثرناك وجئناك بنفوسنا وأهلنا ، كأنهم منوا بذلك ، فنزلت فيهم هذه الآية . وقوله : ) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ( ، فعلى هذا يكون : ) وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَالَكُمْ ( بالمن بالإسلام . وعن ابن عباس : بالرياء والسمعة ، وعنه : بالشرك والنفاق ؛ وعن حذيفة : بالكبائر ، وقيل : بالعجب ، فإنه يأكل الحسنات ، كما تأكل النار الحطب . وعن مقاتل : بعصيانكم للرسول . وقيل : أعمالكم : صدقاتكم بالمن والأذى .
محمد : ( 34 - 35 ) إن الذين كفروا . . . . .
( وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ ( : عام في الموجب لانتفاء الغفران ، وهو وفاتهم على الكفر . وقيل : هم أهل القليب . وقيل : نزلت بسبب عدي بن حاتم ، رضي الله عنه ، سأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) عن أبيه قال : وكانت له أفعال بر ، فما حاله ؟ فقال : ( في النار ) ، فبكى عدي وولى ، فدعاه فقال له : ( أبي وأبوك وأبو إبراهيم خليل الرحمن في النار ) ، فنزلت .
( فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ ( : وهو الصلح . وقرأ الجمهور : وتدعوا ، مضارع دعا ؛ والسلمي : بتشديد الدال ، أي تفتروا ؛ والجمهور : إلى السلم ، بفتح السين ؛ والحسن ، وأبو رجاء ، والأعمش ، وعيسى ، وطلحة ، وحمزة ، وأبو بكر : بكسرها . وتقدم الكلام على السلام في البقرة في قوله : ) ادْخُلُواْ فِي السّلْمِ كَافَّةً ( وقال الزمخشري : وقرىء : ولا تدعوا من ادعى القوم ، وتداعوا إذا ادعوا ، نحو قولك : ارتموا الصيد وتراموا . انتهى . والتلاوة بغير لا ، وكان يجب أن يأتي بلفظ التلاوة فيقول : وقرىء : وتدعوا معطوف على تهنوا ، فهو مجزوم ، ويجوز أن يكون مجزوماً بإضمار إن . ) وَأَنتُمُ الاْعْلَوْنَ ( : أي الأعليون ، وهذه الجملة حالية ؛ وكذا : ) وَاللَّهُ مَعَكُمْ ). ويجوز أن يكونا

الصفحة 84