كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 8)

" صفحة رقم 9 "
والمعارض . انتهى .
( وَالاْنْعَامُ ( : المعهود أنه لا يركب من الأنعام إلا الإبل . ما : موصولة والعائد محذوف ، أي ما يركبونه . وركب بالنسبة للعلل ، ويتعدى بنفسه على المتعدي بوساطة في ، إذ التقدير ما يركبونه . واللام في لتستووا : الظاهر أنها لام كي . وقال الحوفي : ومن أثبت لام الصيرورة جاز له أن يقول به هنا . وقال ابن عطية : لام الأمر ، وفيه بعد من حيث استعمال أمر المخاطب بتاء الخطاب ، وهو من القلة بحيث ينبغي أن لا يقاس عليه . فالفصيح المستعمل : اضرب ، وقيل : لتضرب ، بل نص النحويون على أنها لغة رديئة قليلة ، إذ لا تكاد تحفظ إلا قراءة شاذة ؛ فبذلك فلتفرحوا بالتاء للخطاب . وما آثر المحدثون من قوله عليه الصلاة والسلام : لتأخذوا مصافاكم ، مع احتمال أن الراوي روى بالمعنى ، وقول الشاعر : لتقم أنت يا ابن خير قريش
كي تقضي حوائج المسلمينا
وزعم الزجاج أنها لغة جيدة ، وذلك خلاف ما زعم النحويون . والضمير في ظهوره عائد على ما ، كأنه قال : على ظهور ما تركبون ، قاله أبو عبيدة ؛ فلذلك حسن الجمع ، لأن مآلها لفظ ومعنى . فمن جمع ، فباعتبار المعنى ؛ ومن أفرد فباعتبار اللفظ ، ويعني : ) مّنَ الْفُلْكِ وَالاْنْعَامِ ). وقال الفراء نحواً منه ، قال : أضاف الظهور ، ( ثُمَّ تَذْكُرُواْ ( ، أي في قلوبكم ، ( نِعْمَةَ رَبّكُمْ ( ، معترفين بها مستعظمين لها . لا يريد الذكر باللسان بل بالقلب ، ولذلك قابله بقوله : ) وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَاذَا ( ، أي تنزهوا الله بصريح القول . وجاء في الحديث : ( أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ، فإذا استوى على الدابة قال : الحمد لله على كل حال ، سبحان الذي سخر لنا هذا ، إلى قوله المنقلبون ، وكبر ثلاثاً وهلل ثلاثاً ، وقالوا : إذا ركب في السفينة قال : ) بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ( إلى رحيم ، ويقال عند النزول منها : اللهم أنزلنا منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ) . والقرن : الغالب الضابط المطيق للشيء ، يقال : أقرن الشيء ، إذا أطاقه . قال ابن هرمة : وأقرنت ما حملتني ولقلما
يطاق احتمال الصديا دعد الهجر
وحقيقة أقرنه : وجده ، قرينته وما يقرن به : لأن الصعب لا يكون قرينة للضعف . قال الشاعر : وابن اللبون إذا ما لذ في قرن
لم يستطع صولة البذل القناعيس
والقرن : الحبل الذي يقرن به . وقال أبو عبيد : فلان مقرن لفلان ، أي ضابط له ، والمعنى : أنه ليس لنا من القوة ما نضبط به الدابة والفلك ، وإنما الله الذي سخرها . وأنشد قطرب لعمرو بن معد يكرب : لقد علم القبائل ما عقيل
لنا في النائبات بمقرنينا
وقرىء : لمقترنين ، اسم فاعل من اقترن .
الزخرف : ( 14 ) وإنا إلى ربنا . . . . .
( وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ ( : أي راجعون ، وهو إقرار بالرجوع إلى الله ،

الصفحة 9