كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 8)

به ما وقع في الماضي القريب، أو يقع في المستقبل القريب، لملابستهما الحال بالمجاورة. وهذا في الزمان شبيه بما يقع من التجوُّز في المكان نحو قوله تعالى حكاية عن فرعون: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١]. شبه الإلصاق بالجذوع بالإدخال فيها.
ويوضِّحه أنَّ كلمة "الآن" موضوعة لزمن التكلم، ثم تجدها تُستعمل في الماضي القريب، كقول زياد الأعجم يرثي المغيرة بن المهلب:
الآن لمَّا كنتَ أكرمَ مَن مشَى ... وافترَّ نابُكَ عن شباة القارح (¬١)
أي الآن تموت؟ مع أنه إنما رثاه بعد موته. ويستعجلك صاحبك فتقول: الآن أخرج إليك، تريد: عن قرب.
وقد حمل عليه قوله عز وجل: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: ١٨٧]، وقوله سبحانه حكاية عن الجن: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: ٩]، لأنَّ مَن الشرطية تُخلص المضارع للمستقبل، وفي هذا بحث.
وقد تطلق كلمة "الآن" على ما يحيط بزمن التكلم متسعًا، كقولك: كنت قبل سنة مهاجرًا لزيد، أما الآن فإننا نتزاور. وانظر هذا مع المضارع الاستمراري.
[ص ٢٧] (¬٢) ومنها: التحقق، فإنَّ من شأن الواقع في الحال أن يكون
---------------
(¬١) ستأتي الحوالة. [المؤلف].
(¬٢) الصفحة (٢٦) كتب فيها سطرًا، ثم ضرب عليه، فهي فارغة.

الصفحة 163