كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 8)

الدعوى الثالثة: أن المحذوف "كنت". فلو صحّ حذف (كان) في هذا الموضع، وجوّزنا الاستئناف، وقلنا: إن المضارع إذا وضع موضع الماضي كان بتقدير "كان"، فلنا أن نقدر "كانت". وبذلك يوافق ما عرف عن القصة، وما يفهم من السورة، وما مضى عليه الناس جميعًا قبل المعلم، وتخلص به الكلام عن الإلباس والإيهام وعن اللحن والكذب وغير ذلك مما تقدم.
[ص ٦٥] فأما الشواهد، فقوله تعالى: {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى} [الحاقة: ٧]، نظير قوله: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} [الكهف: ١٧]. وسيأتي الكلام عليه في الذيل (¬١). وفي ذاك التوجيه ما يوافق ما يشعر به المتفهم من بلاغة الكلام وعلوّ درجته، بخلاف التقدير الذي قاله المعلم.
وأما بيت متمم، فإن البغدادي أنشده في "الخزانة":
تقول ابنةُ العمري مالكَ بعدَما ... أراك حديثًا ناعمَ البالِ أفرعا
وقال في شرحه: "ابنة العمري زوجته، والحديث: القريب، والأفرع: الكثير شعر الرأس. تقول: مالك اليوم متغيرًا بعد أن كنت منذ قريب ناعم البال أفرع؟ " (¬٢).
وفي "حماسة أبي تمام" تحت عنوان "وقال آخر":
ألا قالت العصماءُ يوم لقيتُها ... أراك حديثًا ناعمَ البال أفرعا
فقلتُ لها لا تنكريني فقلّما ... يسودُ الفتى حتى يشيبَ ويصلَعا
---------------
(¬١) انظر الفائدة ١٤. [المؤلف]. انظر ما علقته في (ص ١٧٨).
(¬٢) خزانة الأدب (١/ ٢٣٥). [المؤلف]. طبعة هارون (٢/ ٢٣).

الصفحة 206