كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 8)

ابن عباس، وبعضها على ما حكاه غيره، فأخبر كلُّ واحد بما بلغه من صفاتها" (¬١).
وإيضاح ذلك أن الطير كانت كما قال الله عزَّ وجلَّ: {أَبَابِيلَ}، وفسّرها أهل العلم بأنها كانت جماعات. فعن ابن مسعود قال: "فِرَق"، وعن أبي سلمة: "الزُّمَر"، وعن إسحاق بن عبد الله: "الأقاطيع"، وعن مجاهد: "شتّى متتابعة مجتمعة"، وعن ابن زيد: "المختلفة تأتي من هاهنا، وتأتي من هاهنا، أتتهم من كل مكان" (¬٢). فوصف كلُّ رجل الفرقة التي جاءت من ناحيته، وحكى كلُّ من الرواة ما سمعه.
ومع إمكان الجمع لا محلّ للترجيح، على أننا إن رجّحنا رواية ابن عباس: "لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكفّ كأكفّ الكلاب"، مع قول عكرمة: "لها رؤوس السباع"، لم يلزم من ذلك أنها من جوارح الطير، لوجهين: الأول أن جوارح الطير المعروفة كالعقبان والنسور معروفة عند العرب، فلو كانت منها لما احتاج العرب أن ينعتوها، بل كانوا [ص ٣٥] يذكرونها باسمها المعروف.
الثاني: أن الراجح في اللون قول عكرمة وسعيد بن جبير ــ وروايتهما من الروايات التي يرجحها المعلِّم ــ إنّها كانت خُضْرًا، وليس في سباع الطير وجوارحها ما لونه أخضر.
---------------
(¬١) تفسير الخازن (٧/ ٢٤٦). [المؤلف].
(¬٢) راجع لأسانيد هذه الآثار مع آثار أخرى: تفسير ابن جرير (٣٠/ ١٦٤ - ١٦٥). [المؤلف].

الصفحة 48