كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 8)

وأما قولكم: إذا جاز حالاً بطلت الحكمة من مشروعية السلم، فيقال: على التسليم بقولكم، فإن الحكمة إذا بطلت من مشروعية السلم، فلم تبطل حكمة الشرع من مشروعية المعاوضة، فإن البائع انتفع بالثمن، والمشتري انتفع بالمبيع بعد استلامه، وهذا هو المقصود الأعظم للشرع من إباحة تبادل الأموال عن طريق المعاوضة، وما جاز في المعاوضة مؤجلًا جاز حالًا، وليس العكس، فإن هناك من المعاملات ما لا تصح إلا حالة مقبوضة في مجلس العقد.

الدليل الثالث:
الحلول في السلم يخرج العقد عن اسمه ومعناه:
أما إخراجه عن اسمه، فظاهر، فإن معنى السلم والسلف: أن يعجل أحد العوضين، ويتأخر الآخر، فإذا لم يكن هناك تأجيل، وكان حالاً خرج السلم عن اسمه.
وأما خروجه بالتعجيل عن معناه: فإن الشارع إنما أرخص فيه للحاجة الداعية إليه، كما بينت فيما سبق، ومع حضور ما يبيعه حالاً لا حاجة إلى السلم، فإن البائع والحالة هذه لا يبيع إلا معينًا، لا يبيع شيئًا في الذمة، وهذا لا يقال له سلم (¬١).

ويجاب عنه:
بأن هناك أكثر من فائدة في العدول من البيع المعين إلى السلم الحال من ذلك:

الفائدة الأولى:
في باب الضمان، فإن المشتري إذا اشترى سلعة معينة، ولم تكن بحاجة إلى
---------------
(¬١) المغني (٤/ ١٩٣، ١٩٤).

الصفحة 181