كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 8)

قال الجصاص: "ومنه ما روي أن حكيم بن حزام قال: يا رسول الله، إني أرى الشيء في السوق ثم يطلبه مني طالب، فأبيعه، ثم أشتريه، فأسلمه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: لا تبع ما ليس عندك. فهذا عموم في كل بيع لما ليس عند الإنسان سواء، كان عينًا، أو في الذمة" (¬١).

القول الثالث:
يرى ابن تيمية أن حديث: (لا تبع ما ليس عندك) يشمل النهي عن أمرين:
الأول: النهي عن بيع المعين إذا لم يكن عنده.
الثاني: يشمل النهي عن بيع السلم الحال إذا لم يكن عنده ما يوفيه؛ لأنه سيكون البائع غير قادر على تسليمه، فإن كان عنده وقت العقد جاز السلم الحال (¬٢).
---------------
= وجاء في المعونة (٢/ ٩٨٨): "وإنما قلنا: إن الأجل شرط في السلم، وأنه لا يجوز أن يكون حالًا خلافًا للشافعي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم".
وانظر الذخيرة (٥/ ٢٥٣)، والجامع لأحكام القرآن (٣/ ٣٧٩).
وفي بلغة السالك (٣/ ١٧٢): "والحاصل أن السلم لا بد أن يؤجل بأجل معلوم، أقله نصف شهر ... ".
وفي مذهب الحنابلة، قال في الإنصاف (٥/ ٩٨): "فإن أسلم حالًا، أو إلى أجل قريب كاليوم، ونحوه لم يصح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب.
وذكر في الانتصار رواية: يصح حالًا، واختاره الشيخ تقي الدين إن كان في ملكه، قال: وهو المراد بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام لحكيم بن حزام - رضي الله عنه -، (لا تبع ما ليس عندك) أي ما ليس في ملكك، فلو لم يجز السلم حالًا، لقال: لا تبع هذا، سواء كان عندك، أولًا .. ".
وانظر الكافي (٢/ ١١٢)، المبدع (٤/ ١٨٩).
(¬١) الفصول في الأصول (١/ ٣٤٥).
(¬٢) انظر تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء (٢/ ٦٩٢).

الصفحة 46