كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 8)

وقيل: أركان السلم ثلاثة:
(١) الصيغة (الإيجاب، والقبول).
(٢) والعاقدان (البائع، والمشتري).
(٣) والمحل (المعقود عليه من مبيع، وثمن)، وهذا مذهب الجمهور (¬١).
ومذهب الحنفية أجود، وأدق، والجمهور لا يطردون في تحديد الأركان، فاللوازم تارة يعتبرونها من الأركان، وتارة لا يدخلونها، فهم يجعلون الفاعل ركنًا في مثل عقد البيع، والنكاح، ولا يجعلونه ركنًا في العبادات كالصلاة، والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.
قال في المصباح المنير: "والفرق عسر، ويمكن أن يقال: الفرق أن الفاعل علة لفعله، والعلة غير المعلول، فالماهية معلولة، فحيث كان الفاعل متحدًا استقل بإيجاد الفعل، كما في العبادات، وأعطي حكم العلة العقلية، ولم يجعل ركنًا، وحيث كان الفاعل متعددًا لم يستقل كل واحد بإيجاد الفعل، بل يفتقر إلى غيره؛ لأن كل واحد من العاقدين غير عاقد، بل العاقد اثنان، فكل واحد من المتبايعين مثلًا غير مستقل، فَبَعُد بهذا الاعتبار عن شبه العلة، وأشبه جزء الماهية في افتقاره إلى ما يقومه، فناسب أن يجعل ركنًا" (¬٢).
ولا حاجة إلى هذا الفارق العسر كما وصفه، بل يقال: مذهب الحنفية أقوى، ومطرد في تحديد أركان الشيء من عبادات، ومعاملات، وأهمية تحديد
---------------
(¬١) شرح حدود ابن عرفة (ص ٣٩٧)، الخرشي (٥/ ٥)، حاشية الدسوقي (٣/ ٢)، حاشية الصاوي (٣/ ١٣)، مواهب الجليل (٤/ ٢٤١، ٢٤٢)، المجموع (٩/ ١٧٤)، تحفة المحتاج (٤/ ٢١٥)، حاشية الجمل (٣/ ٥، ٦)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٥، ٦)، كشاف القناع (٣/ ١٤٦).
(¬٢) المصباح المنير (ص ٢٣٧).

الصفحة 50