كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 8)
المبحث الثاني أن تباع السلعة المعينة الغائبة بالوصف
[م - ٨٠٨] إذا كان البيع في عقد التوريد على سلعة معينة مملوكة للمورد، وكانت غائبة عن مجلس العقد، وتم البيع على عينها عن طريق الوصف، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال.
القول الأول:
يصح مطلقاً، وهو مذهب الحنفية (¬١)، والمالكية (¬٢)، والقول القديم
---------------
(¬١) تقدم في المسألة الماضية أن الحنفية والمالكية يصححون البيع بدون رؤية ولا وصف، فمن باب أولى، أن يصححوا البيع إذا كان هناك وصف.
انظر في مذهب الحنفية: تبيين الحقائق (٤/ ٢٥)، البحر الرائق (٦/ ٢٨) وما بعدها، فتح القدير مع العناية (٦/ ٣٣٥).
(¬٢) قال في مواهب الجليل (٤/ ٢٩٦): "قال في المقدمات: وهو الصحيح ... وقال في التوضيح: إنه في المدونة، ونسبه لبعض كبار أصحاب مالك، وقال ابن عرفة: إنه المعروف من المذهب ...
وقال بعض كبار أصحاب مالك: لا ينعقد بيع إلا على أحد أمرين: إما على صفة توصف، أو على رؤية قد عرفها، أو شرط في عقد البيع أنه بالخيار إذا رأى، فكل بيع ينعقد في سلعة بعينها غائبة على غير ما وصفنا، فهو منتقض ... ".
وانظر: أنوار البروق في أنواع الفروق (٣/ ٢٤٧)، المنتقى للباجي (٥/ ٨، ٥٤)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (٢/ ٥٢١، ٥٢٢)، حاشية الدسوقي (٣/ ٢٠)، إلا أن المالكية اشترطوا شروطاً، منها:
ألا يكون المبيع قريبًا جداً يمكن رؤيته من غير مشقة، فإنه عدول عن اليقين إلى توقع الغرر.
وألا يكون بعيداً جداً يمكن تغيره قبل التسليم.
وألا يباع جزافًا؛ لأن الجزاف تقديره بالحرز والتخمين، وذلك لا يكون إلا بالنظر، ولذلك منع المالكية من شراء الأعمى جزافًا كما سيأتي؛ لأن الجزاف يشترط فيه الرؤية.=