كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 8)
الفصل الثاني في رجوع المتقدم بالعطاء عن إيجابه قبل رسو المناقصة
[ن-٥١] اتضح لنا من خلال البحث السابق أن المتقدم بالعطاء هو الإيجاب، فهل يجوز له الرجوع عن إيجابه قبل رسو العطاء عليه؟
هذه المسألة ترجع إلى مسألة أخرى، هل يكون الإيجاب ملزماً قبل صدور القبول، أو يحق لمن صدر منه الإيجاب الرجوع عن إيجابه ما دام لم يقترن بالقبول؟
وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول:
للموجب حق الرجوع عن إيجابه قبل أن يتصل به القبول، وهذا مذهب الجمهور (¬١).
---------------
(¬١) جاء في مجلة الأحكام العدلية (مادة: ١٨٤): "لو رجع أحد المتبايعين عن البيع بعد الإيجاب، وقبل القبول بطل الإيجاب، فلو قبل الآخر بعد ذلك في المجلس لا ينعقد البيع، مثلا لو قال البائع: بعت هذا المتاع بكذا، وقبل أن يقول المشتري: قبلت، رجع البائع، ثم قبل المشتري بعد ذلك لا ينعقد البيع". اهـ
ويقول في بدائع الصنائع (٥/ ١٣٤): "صفة الإيجاب والقبول فهو أن أحدهما لا يكون لازماً قبل وجود الآخر ... ".
وانظر العناية شرح الهداية (٦/ ٢٥٣)، الفتاوى الهندية (٣/ ٨).
وقال النووي في المجموع (٩/ ١٩٩): "إذا وجد أحد شقي العقد من أحدهما اشترط إصراره عليه حتى يوجد الشق الآخر".
وإذا كان الحنابلة يقولون بخيار المجلس كما سيأتي إن شاء الله تحرير الخلاف فيه، وهو يقتضي جواز رجوع الموجب عن إيجابه حتى بعد صدور القبول من الطرف الآخر، فمن باب أولى أن يصح رجوعه قبل اتصال القبول به.