كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 8)

٢٠٩ - سعد بن معاذ الأَنصاري (¬١)
٤٢٥٦ - عن عَمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود, رضي الله عنه, قال:
«انطلق سعد بن معاذ معتمرا, قال: فنزل على أُمَية بن خلف أبي صفوان، وكان أمية إذا انطلق إلى الشام فمر بالمدينة نزل على سعد، فقال أمية لسعد: انتظر حتى إذا انتصف النهار، وغفل الناس, انطلقت فطفت، فبينا سعد يطوف, إذا أَبو جهل, فقال: من هذا الذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد: أنا سعد، فقال أَبو جهل: تطوف بالكعبة آمنا، وقد آويتم محمدا وأصحابه؟ فقال: نعم, فتلاحيا بينهما, فقال أمية لسعد: لا ترفع صوتك على أبي الحكم، فإنه سيد أهل الوادي, ثم قال سعد: والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن متجرك بالشام, قال: فجعل أمية يقول لسعد: لا ترفع صوتك, وجعل يمسكه، فغضب سعد، فقال: دعنا عنك، فإني سمعت محمدا صَلى الله عَليه وسَلم يزعم أنه قاتلك, قال: إياي؟ قال: نعم, قال: والله ما يكذب محمد إذا حدث, فرجع إلى امرأته، فقال: أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي؟ قالت: وما قال؟ قال: زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي, قالت: فوالله ما يكذب محمد, قال: فلما خرجوا إلى بدر، وجاء الصريخ, قالت له امرأته: أما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: فأراد أن لا يخرج، فقال له أَبو جهل: إنك من أشراف الوادي، فسر يوما, أو يومين، فسار معهم, فقتله الله» (¬٢).
---------------
(¬١) قال البُخاري: سعد بن معاذ أبو عَمرو الأوسي، الأنصاري، شَهد بدرًا، مات بالمدينة في عهد النبي صَلى الله عَليه وسَلم بعد قريظة. «التاريخ الكبير» ٤/ ٤٣، وكذلك قال أبو حاتم الرازي. «الجرح والتعديل» ٤/ ٨٨.
ـ وقال أبو نُعيم: سعد بن عبادة، سيد بني الخزرج، عَقبي بَدري أُحدي، يُكنى أبا ثابت، شهد المشاهد كلها، وكان نقيبًا، صاحب راية الأنصار في المشاهد. «معرفة الصحابة» (١٠٩٧).
ـ وقول أبي نُعيم: عَقبي؛ أي شهد بيعة العقبة، وبَدري؛ أي شهد بَدرًا، وأُحدي؛ أي شهد موقعة أُحد، وقوله: شهد المشاهد كلها؛ أي حضر جميع الغزوات، رضي الله تعالى عنه.
(¬٢) اللفظ للبخاري (٣٦٣٢).
- وفي رواية: «عن عبد الله بن مسعود, رضي الله عنه, حدث عن سعد بن معاذ, أنه قال: كان صديقا لأمية بن خلف، وكان أمية إذا مر بالمدينة

⦗٤٧١⦘
نزل على سعد، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم المدينة، انطلق سعد معتمرا، فنزل على أمية بمكة، فقال لأمية: انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت, فخرج به قريبا من نصف النهار, فلقيهما أَبو جهل, فقال: يا أبا صفوان، من هذا معك؟ فقال: هذا سعد، فقال له أَبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنا، وقد أويتم الصباة، وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم؟ أما والله, لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما، فقال له سعد، ورفع صوته عليه: أما والله, لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه، طريقك على المدينة، فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم, سيد أهل الوادي، فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم يقول: إنهم قاتلوك، قال: بمكة؟ قال: لا أدري, ففزع لذلك أمية فزعا شديدا، فلما رجع أمية إلى أهله, قال: يا أُم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي، فقلت له: بمكة؟ قال: لا أدري، فقال أمية: والله لا أخرج من مكة، فلما كان يوم بدر استنفر أَبو جهل الناس, قال: أدركوا عيركم, فكره أمية أن يخرج، فأتاه أَبو جهل, فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي, تخلفوا معك، فلم يزل به أَبو جهل, حتى قال: أما إذ غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة, ثم قال أمية: يا أُم صفوان، جهزيني، فقالت له: يا أبا صفوان, وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا, فلما خرج أمية, أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره، فلم يزل بذلك حتى قتله الله, عز وجل، ببدر» (¬١).
أخرجه أحمد (٣٧٩٤) قال: حدثنا أَبو سعيد، قال: حدثنا إسرائيل. وفي (٣٧٩٥) قال: حدثنا خلف بن الوليد، قال: حدثنا إسرائيل. و «البخاري» ٤/ ٢٠٥ (٣٦٣٢) قال: حدثني أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا عُبيد الله بن موسى،

⦗٤٧٢⦘
قال: حدثنا إسرائيل. وفي ٥/ ٧١ (٣٩٥٠) قال: حدثني أحمد بن عثمان، قال: حدثنا شريح بن مَسلَمة، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه.
كلاهما (إسرائيل بن يونس، ويوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق) عن أبي إسحاق السبيعي، عن عَمرو بن ميمون، فذكره (¬٢).
- صرح أَبو إسحاق بالسماع في رواية يوسف عنه.
---------------
(¬١) اللفظ للبخاري (٣٩٥٠).
(¬٢) المسند الجامع (٤٧٩٧)، وتحفة الأشراف (٤٤٥٠)، وأطراف المسند (٢٦٠٦ و ٥٦٦٥).
والحديث؛ أخرجه الطبراني (٥٣٥٠)، والبيهقي في «دلائل النبوة» ٣/ ٢٥ و ٢٦.

الصفحة 470