كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 8)

مَشُوبَةٌ بالحَذَرِ والاستغراب لدى عُمومِ المسلمين، الذين يَحمِلون غيرةً على حُرُماتِ الله، سواءً كانوا ملتزمين أو غيرَ ملتزمين بجميع شعائرِ الدِّينِ، لهؤلاء المُغنيّنَ والمغنياتِ.
إن الغناءَ - بحدِّ ذاتِه - محرّمٌ شرعًا، كيف لا! واللهُ يقول في كتابه العزيز: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} (¬1).
سُئل ابنُ مسعود رضي الله عنه عن {لهو الحديث} في هذه الآيةِ، فقال: هو الغِناءُ، واللهِ الذي لا إله إلا هو - يُردّدها ثلاثًا - وكذا قال ابنُ عمرَ، وابنُ عباس وجابرٌ، ومجاهدٌ، وعكرمةُ، والحسنُ، وسعيدُ بن جُبَير، وقَتادةُ، والنّخَعيُّ وميمونُ بنُ مِهْرانَ، ومَكحولٌ (¬2).
وقال ابنُ القاسم: سألت مالكًا عن الغناءِ فقال: قال الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} (¬3) أفحقٌّ هو؟ (¬4).
وقال القرطبيُّ عند تفسير هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} هذه إحدى الآياتِ الثلاثِ التي استدل بها العلماءُ على كراهةِ الغناءِ والمَنْع منه، والآيةُ الثانية قولهُ تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} (¬5) قال ابنُ عباس: هو الغناءُ بالحِمْيريّة: اسْمِدي لنا، أي: غنِّي لنا. والآية الثالثة قولهُ تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} (¬6). قال مجاهدٌ: الغناء والمزامير (¬7).
¬_________
(¬1) سورة لقمان، الآية: 6.
(¬2) تفسير القرطبي 14/ 51، 52.
(¬3) سورة يونس، الآية: 32.
(¬4) السابق 14/ 52.
(¬5) سورة النجم، الآية: 61.
(¬6) سورة الإسراء، الآية: 64.
(¬7) تفسير القرطبي 14/ 51.

الصفحة 100