كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 8)

- هذا في الماضي.
وفي الحاضر يقفُ المتأمّلُ في الأحداثِ المعاصرةِ على نماذجَ لقوى كبرى اندحرتْ رغم فارقِ القوةِ مع من دَحرَها، ألم تخرجْ أمريكا من فيتنام؛ وهي صاغرة؟ ! ألم يتمكن الأفغانُ من طردِ روسيا من أفغانستان، ولا مقارنةَ في القوة؟ ! بل ربما كانت هزيمةُ الروسِ في الأفغانِ البدايةَ لتفكُّكِ الاتحادِ فيما بعد؟
وأخيرًا ألم يخرجِ اليهودُ وتنسحبُ إسرائيلُ من جنوبِ لبنانَ - وهي تجرُّ أثوابَ الهزيمةِ والخَيبةِ .. رغمَ أنه لم يمضِ على عناقيدِ الغضبِ فترةٌ طويلةٌ من الزمن؟ ولا يزالُ غيبُ الله يُخفي ألوانًا من هذه الهَزائمِ التي ستقعُ على هؤلاءِ المُتجبّرينَ الظالمين، وسُنَّةُ الله جاريةٌ {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} (¬1) {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (¬2)، {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (¬3).
وبالجملةِ فالمتأملُ في كتابِ الله يجدُ أنّ اللهَ يأخذُ بالذنبِ يقع، ويؤاخذُ على الظلمِ يُمارَس، واقرأوا - إن شئتم - {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (¬4).
عبادَ الله: ودعونا نُسلِّطُ الضوءَ على أشدّ الأعداءِ (اليهود) وهمُ اليومَ يمارسونَ عداوتَهم وظلمَهُم على المسلمين، لنرَى كيف فشلوا في عددٍ من
¬_________
(¬1) سورة القصص، الآية: 58.
(¬2) سورة القصص، الآية: 59.
(¬3) سورة الأحقاف، الآية: 27.
(¬4) سورة العنكبوت، الآية: 40.

الصفحة 14