كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

وليس بعجب من أولئك أن يسموا التوبة والاستغفار خبلا وجنوناً وهم عادٌ أعلام الكفر وأوتاد الشرك. وإنما العجب من قوم من المتظاهرين بالإسلام سمعناهم يسمون التائب من ذنوبه مجنونا والمنيب إلى ربه مخبلا، ولم نجدهم معه على عُشر مما كانوا عليه في أيام جاهليته من الموادّة، وما ذاك إلا لعِرقٍ من الإلحاد أبى إلا أن ينبض، وضب من الزندقة أراد أن يطلع رأسه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيزول العقل لاتصال هذا الحجاب بحجب الدماغ.
قوله: (وهم عاد أعلام الكفر): ذكر "عاد" مقحم لمزيد تقرير كفرهم، وأنهم مشهورون فيه، حيث صار اسمهم في العتو كالوصف، كما يقال: هو حاتم الجود.
قوله: (المتظاهرين بالإسلام): التظاهر: تفاعل؛ من الظهور.
قوله: (وضب من الزندقة) أي: غل، الأساس: "ومن المجاز: في قلبه ضب؛ أي: غل داخل، كالضب المعن في جحره، قال سابق:
ولا تك ذا وجهين يبدي بشاشة ... وفي صدره ضب من الغل كامن"
قوله: (أن ينبض) و (أن يطلع): كالترشيحين، وإنما قلت: "كالترشيحين"؛ لأن "من الإلحاد" و"من الزندقة" أخرجا "العرق" و"الضب" أن يكونا مستعارين، كقوله تعالى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ) [البقرة: 187].

الصفحة 108