كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
ويجيء بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم، (وَلا تَضُرُّونَهُ) بتوليكم (شَيْئاً) من ضرر قط، لأنه لا يجوز عليه المضارّ والمنافع، وإنما تضرون أنفسكم.
وفي قراءة عبد الله: "ويستخلف" بالجزم. وكذلك: "ولا تضروه"؛ عطفاً على محل (فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) والمعنى: إن يتولوا يعذرني ويستخلف قوماً غيركم ولا تضروا إلا أنفسكم.
(عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) أي: رقيب عليه مهيمن، فما تخفى عليه أعمالكم ولا يغفل عن مؤاخذتكم. أو من كان رقيباً على الأشياء كلها حافظاً لها وكانت مفتقرة إلى حفظه من المضارّ، لم يضر مثله مثلكم.
[(وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ..
مؤذنة بأن الحجة قد لزمتهم بإبلاغ الرسول ما عليه من التبليغ وتوليهم عنه، وأن الله يهلكهم ويستخلف في ديارهم قوماً غيرهم، فعلى هذا: الجملة الشرطية برأسها إخبار بإلزام الحجة عليهم، والجملة الثالثة ابتداء إخبار باستخلاف غيرهم بعد إهلاكهم.
قوله: (أو: من كان رقيباً على الأشياء كلها): على هذا الوجه: (إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) كالتعليل لقوله: (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً)، وعلى الأول: تعليل لقوله: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) ولقوله: (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ).
الصفحة 114
656