كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

وعمروا الأعمار الطوال، مع ما كان فيهم من عسف الرعايا، فسأل نبي من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم، فأوحى إليه: إنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي.
وعن معاوية بن أبي سفيان: أنه أخذ في إحياء الأرض في آخر أمره، فقيل له، فقال: ما حملني عليه إلا قول القائل:
لَيْسَ الفَتَى بِفَتيً لَا يُسْتَضَاءُ بِهِ ... وَلَا تَكُونُ لَهُ فِى الأَرْضِ آثَارُ
وقبل: استعمركم من العمر، نحو استبقاكم من البقاء، وقد جعل من العمرى. وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون "استعمر" في معنى أعمر، كقولك "استهلكه" في معنى أهلكه، ومعناه: أعمركم فيها دياركم، ثم هو وارثها منكم عند انقضاء أعماركم. والثاني أن يكون بمعنى جعلكم معمرين دياركم فيها، لأنّ الرجل إذا ورّث داره من بعده فكأنما أعمره إياها، لأنه يسكنها عمره ثم يتركها لغيره.
(قَرِيبٌ) داني الرحمة سهل المطلب، (مُجِيبٌ) لمن دعاه وسأله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقد جعل من العمرى)، الجوهري: "أعمرته داراً أو أرضاً أو إبلاً: إذا أعطيته إياها، وقلت: هي لك عمري أو عمرك، فإذا مت رجعت إلي، والاسم: العمرى".
قوله: ((قَرِيبٌ) داني الرحمة سهل المطلب): نحو قول الشاعر:
الله أنجح ما طلبت به
وفي تعليل الاستغفار والتوبة بما يعلل به الدعاء من كونه قريباً مجيباً، كقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي) [البقرة: 186]: الدلالة على أن

الصفحة 119