كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
(فِينا) فيما بيننا (مَرْجُوًّا) كانت تلوح فيك مخايل الخير وأمارات الرشد فكنا نرجوك لننتفع بك، وتكون مشاوراً في الأمور ومسترشداً في التدابير، فلما نطقت بهذا القول انقطع رجاؤنا عنك وعلمنا أن لا خير فيك. وعن ابن عباس: فاضلاً خيراً نقدّمك على جميعنا. وقيل: كنا نرجو أن تدخل في ديننا وتوافقنا على ما نحن عليه (يَعْبُدُ آباؤُنا) حكاية حال ماضية (مُرِيبٍ) من: أرابه: إذا أوقعه في الريبة، وهي قلق النفس وانتفاء الطمأنينة باليقين. أو من: أراب الرجل: إذا كان ذا ريبة على الإسناد المجازى.
قيل: (إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) بحرف الشك وكان على يقينٍ أنه على بينة، لأنّ خطابه للجاحدين، فكأنه قال: قدّروا أني على بينة من ربي، وأني نبيّ على الحقيقة، وانظروا إن تابعتكم وعصيت ربى في أوامره، فمن يمنعني من عذاب الله؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجرد الاستغفار أيضاً سؤال ودعاء، ويؤيده قوله تعالى: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ) [نوح: 10 - 12] الآية، كما سبق في قصة الحسن ابن علي رضي الله عنهما.
قوله: (نرجوك لننتفع بك، وتكون مشاوراً في الأمور، ومسترشداً في التدابير): وذلك لإطلاق الرجاء في قولهم: (مَرْجُوّاً).
قوله: (من: أراب الرجل: إذا كان ذا ريبة): أي: لفي شك ذي ريبة، نحو قولهم: جد جده.
قوله: (لأن خطابه للجاحدين): يعني: إنما قال: (إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ) بحرف
الصفحة 120
656